المذهب الحنبلي

نبذة عن المذهب الحنبلي

المذهب الحنبلي هو الرابع من بين المذاهب الأربعة ظهورا، مؤسسه الإمام أحمد بن حنبل، بدأ ظهوره في

بغداد حاضرة العالم الإسلامي وانتشر في البلاد على يد أتباعه وتلامذته.

مراحل تطور المذهب الحنبلي

مر المذهب الحنبلي بثلاثة مراحل زمنية، كباقي المذاهب الفقهية الأخرى: وهذه المراحل كما يلي:

مرحلة النشأة والتكوين

  • تبدأ هذه المرحلة من بداية جلوس الإمام للدرس والفتيا مرورا بجهود تلامذته إلى زمن ابن حامد، وتمثل طبقة المتقدمين.
  • برز في هذه المرحلة عدد من تلامذة الإمام أحمد ودورهم في تكوين المذهب الحنبلي، من أبرزهم: الإمام عمر بن حسين الخرقي (ت343هـ) وأبي بكر عبد العزيز بن جعفر (غلام الخلال).
  • ·        من جهودهم أنهم اختصرا جامع الخلال، ورجح كل منهما رواية من بين الروايات التي أوردها الخلال في جامعه في كل مسألة، واعتمدها على أنها هي المذهب. واتفقا في الترجيح في أغلب الأقوال، إلا في بضع وثمانين مسألة واعتمد ابن قدامة في المغني ترجيحات الخرقي غالباً.
مراحل تطور المذهب الحنبلي

مرحلة صياغة المذهب

  • تبدأ هذه المرحلة من زمن تلاميذ ابن حامد، ويمثل طبقة المتوسطين من علماء المذهب وفيها كثير من أئمة الفقه الحنبلي.
  • ·        من أبرز علماء المذهب في هذه المرحلة الذين صاغوا المذهب القاضي أبو يعلي، وابن عقيل وأبو الخطاب الكلوذاني. وهم يعتمدون كثيراً على ذكر المسائل عن أحمد، إلا أنه يذكر أن منهم من نقل عن الإمام أقوالا بالخطأ نتيجة عدم استقراء أقواله، وقد ذكر ابن رجب في قواعده أن القاضي أبا يعلى كثيرًا ما يظن أقوال سفيان في “مسائل ابن منصور” أنها أقوال لأحمد.
  • خدم علماء هذه المرحلة مذهب الحنابلة، فأتوا إلى كتب أصول الفقه من المذاهب الأخرى المعتمدة على علم الكلام، وتلمسوا من كلام أحمد ما يدل على أقواله.
  • أبرز من خدم المذهب في هذه المرحلة شيخ الإسلام ابن تيمية وابن رجب إذ كانا من أعلم الناس بأصول أحمد وسلوكهم طريقة الأمام أحمد في الحديث والفقه.
  • ظهر كتاب “روضة الناظر الذي كتبه ابن قدامة المقدسي وهو من أهم كتب الأصول في المذهب، وأل قدامة هم أحسن من خدم المذهب الحنبلي، وله كتب: العمدة، المقنع، المغني، الكافي.

مرحلة طبقة المتأخرين

  • تبدأ بشيخ المذهب الحنبلي المرداوي سنة 885هـ وتمتد إلى وقتنا الحالي وتمثل طبقة المتأخرين في المذهب.
  • أعيد استقراء أقوال الإمام وكلامه، وللمرداوي كتاب “الإنصاف”، جمع فيه كل روايات الإمام أحمد عل نسق كتاب “المقنع” لابن قدامة، ثم ظهرت بعده كثير من المختصرات لما ذكره المرداوي، من أهمها كتاب “الإقناع” للحجاوي، و “منتهى الإرادات” لابن النجار الفتوحي، وهما المعتمد في المذهب

قد يهمك: المذاهب الفقهية

مرحلة طبقة المتاخرين

أصول المذهب الحنبلي

وأصول المذهب الحنبلي في الاجتهاد قريبة من أصول الشافعي شيخ الإمام أحمد، وهذه أصول المذهب الحنبلي:

  •  القرآن الكريم:
  1. فإذا وجد النص أفتى بموجبه، ولم يلتفت إلى ما خالفه، ولا من خالفه كائنًا ما كان.
  2. للنصوص المكانة الأولى في الاستدلال عند الإمام أحمد، واشتهر بوقوفه عندها ويرى أن النصوص وافية بجميع أحكام أفعال العباد.
  3. ويرى الإمام أحمد أن مرتبة نصوص الكتاب والسنة واحدة ما دامت الأحاديث ثابتة وصحيحة، فلا يقدم بعضها على بعض.
  4. ويتفق الحنابلة مع جمهور العلماء في الأخذ بظاهر النص ويقولون بحجية مفهوم الموافقة، أما مفهوم المخالفة: فجمهور الحنابلة على القول بحجيته وهو الذي دل عليه ظاهر الروايات عند أحمد.
  • السنة:
  1. منزلة السنة عند الإمام أحمد: يرى الإمام أحمد وجوب النظر في السنة عند تفسير القرآن الكريم، ويقدمونها على ظاهر الآيات.
  2. وطريقة الإمام أحمد قبول كل سنة صحيحة، وعدم عرضها على الكتاب قبل قبولها.
  1. أهل الحديث فيخصصون القرآن بالخبر الصحيح مطلقًا.
  2. الأخذ بالمرسل والحديث الضعيف إذا لم يكن في الباب شيء يدفعه، وهو الذي رجحه على القياس، وليس المراد بالضعيف عنده الباطل، ولا المنكر، ولا ما في روايته متهم بحيث لا يسوغ الذهاب إليه، بل الحديث الضعيف عنده قسيم الصحيح، وقسم من أقسام الحسن.
  3. أما خبر الآحاد فعن أحمد روايتان: إحداهما: أنه يفيد العلم، والأخرى: لا يفيده،

والإمام أحمد والحنابلة جميعًا يوافقون جمهور الأمة في وجوب العمل بالخبر الواحد.

هل يأخذ الحنابلة بالحديث الضعيف؟ 

عن الإمام أحمد هناك ثلاث روايات:

 الأولى: العمل به، وتقديمه على الرأي بشرط ألا يوجد في الباب غيره، ولو فتوى صحابي ثابتة عنه، وهذه الرواية يرجحها أكثر أصحاب أحمد.

الثانية: الأخذ بالضعيف في فضائل الأعمال دون الأحكام

الثالثة: أنه لا يعمل بالحديث الضعيف مطلقا ولا في فضائل الأعمال

  • الإجماع:

 فهو حجة عند الإمام أحمد وأصحابه، وما يروى عنه من قوله: “من ادعى الإجماع فهو كاذب، لعل الناس قد اختلفوا، ولكن لا أعلم الناس اختلفوا، ولم ييلغه”، إنما قال هذا على سبيل الورع.

  • فتاوى الصحابة:

 فإذا وجد لبعضهم فتوى لا يعرف له مخالف منهم لم يعدها إلى غيرها.

  1. إذا اختلف الصحابة تخير من أقوالهم ما كان أقربها إلى الكتاب والسنة.
  2. أن الاحتجاج بقول الصحابي هو مذهب أحمد على التحقيق كما يرى ابن تيمية وابن القيم، وإن روي قول للإمام بعدم حجية قول الصحابي.
  3. ولا يخفى شدة تمسك الإمام أحمد بما كان عليه الصحابة، وشدة اتباعه لهم، ومما يروى عنه في هذا الشأن: ” أصول السنة عندنا التمسك بما كان عليه أصحاب رسول الله – صلى الله عليه وسلم -، والاقتداء بهم، وترك البدع “.
  • القياس للضرورة:

إذا لم يكن نص في المسألة ولا قول الصحابة أو واحد منهم، ولا أثر مرسل، أو ضعيف عدل إلى الأصل الخامس وهو القياس، فاستعمله للضرورة.

  • الاستصحاب: لا يختلف الحنابلة في الأخذ بالاستصحاب عن باقي الأئمة، ولا يتميزون برأي خاص تجاهه.
  • المصالح المرسلة: يعتبر الإمام أحمد بعد الإمام مالك في أخذه بالمصلحة، يقول الإمام ابن دقيق العيد:

” الذي لا شك فيه أن لمالك ترجيحا على غيره من الفقهاء في هذا النوع، ويليه أحمد بن حنبل، ولا يكاد يخلو غيرهما من اعتباره في الجملة، ولكن لهذين ترجيح في الاستعمال على غيرهما “.

 وقد قال الحنابلة بسد الذرائع.

  • الاستحسان: أخذ الإمام أحمد بالاستحسان في بعض أقواله، ولهذا يعد الإمام أحمد من القائلين الاستحسان.
  • العرف: هو أحد مصادر الأحكام عند الحنابلة وخاصة في مسائل المعاملات، إذ يتوسعون في المعاني والمقاصد، ولا يقفون عند الألفاظ، ويأخذون بالعرف الجاري بين الناس.

قد يهمك : الامام مالك بن انس

اصول المذهب الحنبلي

أعلام المذهب الذين نشروا مذهب الحنابلة

 وكان من أشهر تلامذته الذين نشروا علمه الآتي ذكرهم:

  • صالح بن أحمد بن حنبل: وهو أكبر أولاد الإمام أحمد، تلقى الفقه والحديث عن أبيه، وعن غيره من معاصريه.
  • عبد الله بن أحمد بن حنبل: اشتغل برواية الحديث عن أبيه.
  • الأثرم، أبو بكر، أحمد بن محمد بن هانئ الخراساني: روى عن أحمد مسائل في الفقه، وروى عنه حديثاً كثيراً، له كتاب “السنن في الفقه”.
  •  أحمد بن محمد بن الحجاج، أبو بكر المرّوذي: كان أخص أصحاب أحمد به، وأقربهم إليه، وإماماً في الفقه والحديث.
  • حرب بن إسماعيل الحنظلي الكرماني: أخذ عن أحمد فقهاً كثيراً، وكان المروذي، مع عظيم صلته بأحمد، ينقل عنه ما كتب عن أحمد.
  • إبراهيم بن إسحاق الحربي، أبو إسحاق: كان تبحره في الحديث أكثر من الفقه، وكان عالماً باللغة.
  • ثم جاء أحمد بن محمد بن هارون، أبو بكر الخلال: يعتبر جامع الفقه الحنبلي.
  •  أبو القاسم، عمر بن الحسين الخرقي: له كتب كثيرة في المذهب، منها مختصره المشهور، الذي شرحه ابن قدامة في كتابه (المغني) وكان له أكثر من ثلاث مئة شرح.
  •  أبو بكر، عبد العزيز بن جعفر، المعروف بغلام الخلال.
  •  القاضي أبو يعلي محمد بن الفراء: شرح مختصر الخرقي، وهو أشهر مجتهدي المذهب، وشيخ الحنابلة.
  • أبو الخطاب الكلوذاني: صاحب التمهيد في الأصول، والهداية في الفقه.
  • أبو الوفاء بن عقيل شيخ المذهب، صاحب الواضح في الأصول، والفنون.
  • والموفق بن قدامة شيخ المذهب، صاحب المغني، وروضة الناظر.
  • مجد الدين بن تيمية، وتقي الدين بن تيمية.
  • ابن القيم: محمد بن أبي بكر بن أيوب ابن قيم الجوزية، مكثر من التصانيف.

 وغيرهم الكثير من علماء الحنابلة..

أهم الكتب المعتمدة في المذهب الحنبلي

  • لم يؤلف الإمام أحمد في الفقه كتاباً، وإنما كان اهتمامه في الحديث وأخذ تلامذته مذهبه من أقواله وأفعاله وأجوبته وغير ذلك، ومن أهم الكتب في المذهب:
  • المسند: كنبه الإمام أحمد في الحديث، وضمنه نيفاً وأربعين ألف حديث.

وهناك الكثير من الكتب المشهورة في المذهب نذكر منها:

  • الإقناع لطالب الانتفاع: للعلامة المحقق موسى بن أحمد بن موسى بن سالم بن عيسى بن سالم الحجاوي المقدسي، من المعول عليهم في مذهب أحمد، وقد شرح كتاب الإقناع: الشيخ منصور البهوتي شرحًا مفيدًا.
  • الإنصاف في معرفة الراجح من الخلاف: للمرداوي، من مهمات كتب المذهب، جمع فيه المصنف جميع روايا الإمام أحمد.
  • التذْكِرَة: للإمام أبي الوفاء علي بن عقيل البغدادي، جعلها على قول واحد في المذهب مما صححه واختاره.
  • الحاوي: تصنيف الفقيه عبد الرحمن بن عمر بن أبي القاسم بن علي الضرير.
  • العمدة: ابن قدامة، كتاب مختصر في الفقه
  • غاية المنتهى: كتاب جليل للشيخ مرعي الكرمي، جمع فيه بين الإقناع والمنتهى، وسلك فيه مسالك المجتهدين.
  • القواعد: لعبد الرحمن بن أحمد ابن رجب البغدادي.
  • الكافي: للشيخ موفق الدين المقدسي صاحب المغني، يذكر فيه الفروع الفقهية، ولا يخلو من ذكر الأدلة والروايات.
  • المحرَّر: كتاب في الفقه للإمام مجد الدين عبد السلام ابن تيمية.
  • المغني مختصر الخرقي: ابن قدامة، اشتهر في مذهب الإمام أحمد عند المتقدمين والمتوسطين مختصر الخرقي، ولم يُخْدَم كتاب في المذهب مثل هذا المختصر.
أهم الكتب المعتمدة في المذهب الحنبلي

أماكن انتشار المذهب الحنبلي:

ظهر المذهب ببغداد، وأكثر أتباعه كان بالعراق والشام، ويغلب هذا المذهب اليوم على أهل نجد، وأتباعه نحو ربع أهل السنة بالشام، ويوجد بعضهم بالأفغان والحجاز وقطر والبحرين.

ومن أهم أسباب عدم انتشار المذهب الحنبلي قياسا على المذاهب الأخرى:

  • أن المذاهب الثلاثة الأخرى سبقته في الظهور والانتشار وأصبح غالبية الناس أتباع لها.
  • المذاهب الأخرى كان منهم القضاة والمفتون، وهذا يدعوا الناس لدراسة هذه المذاهب وتعلمها.
  • شدة الحنابلة في محاربة البدع والضلالات، وتمسكهم بأصل سد الذرائع.
  • سلطان الدولة العثمانية في اعتماد المذهب الحنفي في البلاد التي يحكمونها.

حكم كشف الوجه في المذهب الحنبلي

اختلفت المذاهب الاربعة في كشف وجه المرأة حيث كان الرأي الغالب لستر المرأة بالكامل اي ان ستر المرأة يكون جسدا ووجها وصوتا وحتى الكفين فكل تلك الاشياء عورات يجب ان تستر وجاء ذلك في قول الله تعالى : ” يايها النبي قل لازواجك وبناتك ونساء المؤمنين يدنين عليهن من جلابيبهن ذلك ادنى ان يعرفن فلا يؤذين وكان الله غفورا رحيما ” وهنا يؤكد على ان المرأة الاسلم لها الا تكشف وجهها

اما عن المذهب الحنبلي فقد اجاز كشف المرأة للوجه والكفين مع ستر باقي الجسد ولكن بعض الحنابلة اكدوا على عدم جواز كشف المرأة لوجهها الا للضرورة القصوى على اعتبار انه عورة ضمن الجسد

أسباب قلة انتشار المذهب الحنبلي

كان المعتنقون للمذهب الحنبلي قلة قليلة في البلاد الاسلامية في العصور السابقة وكان السبب وراء ذلك هو انه جاء آخر المذاهب الاربعة كما ان الامام احمد بن حنبل لم يكن يحب الولاية ولا يسعى اليها باي حال من الاحوال كما كان القضاء له اثره في ذيوع شهرة المذهب الحنفي في العراق ورغم اجتهاد العلماء في المذهب الحنبلي الا انه لم يلق انتشارا كبيرا فربما كان اصحاب احمد بن حنبل يتمتعون بالزهد وهذا ما ابعدهم عن القضاء والولاية فلم يكونوا منشغلين بتلك الامور ، في بادئ الامر ظهر في العراق ولكنه لم يظهر في مصر الا في القرن السابع الهجري في عصر الدولة الفاطمية

مزايا المذهب الحنبلي

  • تميز المذهب الحنبلي بان الأصل في العقود هو الصحة
  • تميز في أبواب الطهارة حيث اقر بطهارة روث وبول مأكول اللحم
  • المسح على الجوربين جائز
  • تميز في أبواب الفرقة من النكاح بأن الخلع فسخ وليس طلاق اي لا ينقص من عدد الطلاق
  • في الوقف : قال يجوز للإنسان الوقف على نفسه مدة حياته
  • الأصل في الاعيان الانتفاع
  • ان يتم الجمع بين الدليلين بحيث اعمالهما لا الغاء احدهما
  • القول بسد الذريعة
  • الأصل في الأشياء الحل
  • كل العقود مباحة باستثناء ما ورد نص بتحريمه
  • القول بالمصالح المرسلة

هل المذهب الحنبلي متشدد؟؟

نعم وصف المذهب الحنبلي بالتشدد ولكن يقصد بهذا التشدد مدى الدقة التي اتبعوها في باب العقيدة والعبادات فكل عبادة ولها دليل عليها وبسبب عنايتهم بباب العقيدة جعلهم اقرب ليكون مذهبا في العقيدة والفقه معا فقد تعددت اتجاهات علماء وشيوخ المذاهب الاخرى الا ان المذهب الحنبلي عبر عن منهج فقي محدد وبشكل دقيق وبصورة بالغة الوضوح

مكانة المذهب الحنبلي بين المذاهب الأربعة الأخرى

  • قال ابراهيم الحربي : رايت احمد بن حنبل كأن الله جمع له علم الاولين والاخرين من كل صنف يقول ما شاء ويمسك ما شاء
  • قال احمد بن سعيد الرازي : ما رأيت اسود رأس احفظ لحديث رسول الله صلى الله عليه وسلم ولا اعلم بفقهه من احمد بن حنبل
  • قال ابو القاسم بن الجبلي : كان احمد بن حنبل اذا سئل عن مسألة كان علم الدنيا بين عينيه

مؤلفات المذهب الحنبلي

  • المبدع في شرح المقنع
  • قواعد ابن رجب الحنبلي
  • المغني لابن قدامة المقدسي
  • الروض المربع للبهوتي
  • الشرح الكبير على المقنع لابي الفرج عبد الرحمن بن قدامة
  • الكافي في فقه احمد لابن قدامة المقدسي
  • الانصاف في معرفة الراجح من الخلاف للمرداوي
  • كشف القناع من متن الاقناع لمنصور البهوتي
You might also like