بحث حول الحديث النبوي

الفرق بين الحديث والخبر والأثر

مقدمة حول تعريف الحديث


في البحث حول الحديث النبوي لابد من تعريف الحديث لغة واصطلاحا كما يلي:

الحديثُ في اللغة يأتي على عدة معان كما يلي:

  • الجديد الذي هو ضد القديم، تقول: ثوب حديث أي جديد.
  • الكلام، ومنه قوله تعالى: {اللّه نزل أحسن الحديث كتابا} أي أحسن الكلام.
  • الخبر والنبأ، ومنه قوله تعالى: {هل أتاك حديث موسى}.

الحديثُ اصطلاحًا: ذكر العلماء عدة تعريفات للحديث منها:

  • أقوال النبي صلى الله عليه وسلم سوى القرآن وأفعاله وتقريراته وصفاته الخَلقية والخُلقية وسائر أخباره سواءً كان ذلك قبل البعثة أم بعدها، وكذلك أقوال الصحابة والتابعين، وأفعالهم. وهذا تعريف جمهور المحدثين، وهو عندهم مرادف للسنة فتعريف السنة عندهم هو هذا.
  • وقيل هو: أقواله صلى الله عليه وسلم خاصةً.
  • أقواله صلى الله عليه وسلم سوى القرآن وأفعاله وتقريراته وصفاته خاصة. وهذا التعريف يقتصر على المرفوع فقط.

الفرق بين الحديث والخبر والأثر

وفي البحث حول الحديث النبوي نجدوا أن العلماء ميزوا بين الحديث والخبر والأثر وفق ما يلي :

  • الحديث: ما أضيف إلى النبي صلّى الله عليه وسلّم من قول، أو فعل، أو تقرير، أو وصف.
  • الخبر: ما أضيف إلى النبي صلّى الله عليه وسلّم وإلى غيره؛ فيكون أعم من الحديث وأشمل. ومنهم من جعله مرادف للحديث فعرفه بتعريف الحديث.
  • الأثر: ما أضيف إلى الصحابي أو التابعي. وإن أراد نسبته للنبي قيده بإضافة أثر عن النبي صلى الله عليه والسلام.

الحديث القدسي هو ما رواه النبي صلّى الله عليه وسلّم عن ربه بنقله عنه أو نسبته إليه، مثل قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: قال الله تعالى: ” يا عبادي إني حرمت الظلم على نفسي فلا تظالموا”.

الفرق بين القرآن والحديث القدسي والنبوي

  1. الحديث القدسي أعلى مرتبة من الحديث النبوي إذ يأتي بين القرآن والحديث النبوي، إذ ينسب الكلام فيه لله تعالى.
  2. فالقرآن الكريم من الله تعالى لفظاً ومعنىً، اما الحديث النبوي ينسب إلى النبي صلّى الله عليه وسلّم لفظاً ومعنى، والحديث القدسي ينسب إلى الله تعالى معنىً لا لفظا.
  3. يتعبد بتلاوة القرآن الكريم ولا يتعبد بتلاوة الحديث القدسي في الصلاة. وفي خارج الصلاة يؤجر المسلم بقراءة الحديث والقدسي.
  4. الحديث القدسي والنبوي غير معجز كالقرآن فلا يحصل به التحدي، وإنما يحصل التحدي بالقرآن الكريم كونه معجز.
  5. ولم ينقل الحديث النبوي كله وكذلك الحديث القدسي بالتواتر كما نقل القرآن، بل منه ما هو صحيح وضعيف وموضوع.

أقسام الحديث النبوي باعتبار طرق نقله

ينقسم الحديث باعتبار طرق نقله إلينا إلى قسمين: متواتر وآحاد.

  • الأول – المتواتر:

تعريفه: الحديث المتواتر هوما رواه جماعة عن جماعة مثلهم إلى مصدره يستحيل في العادة أن يتواطؤوا على الكذب.

  • أنواع المتواتر: متواتر لفظاً ومعنىً، ومتواتر معنىً فقط.
  • فالمتواتر لفظاً ومعنى: ما اتفق الرواة فيه على لفظه ومعناه. مثاله: قوله صلّى الله عليه وسلّم: “من كذب عليّ متعمدا فليتبوأ مقعده من النار”.
  • والمتواتر معنى: ما اتفق الرواة فيه على معنى كلي واحد، وانفرد كل راو بلفظه الخاص مثاله: أحاديث الشفاعة، والمسح على الخفين.

يفيد الحديث المتواتر بنوعيه:

العلم اليقيني: القطع بصحة نسبته إلى من نقل عنه.

العمل: بما دل عليه بتصديقه إن كان خبراً، وتطبيقه إن كان طلباً.

  • الثاني – الآحاد:

تعريفه: الذي لم يصل إلى حد التواتر. وهو باعتبار الطرق نقله ينقسم إلى ثلاثة أقسام: مشهور وعزيز وغريب.

  1. – فالمشهور: ما رواه ثلاثة فأكثر في كل طبقة من طبقاته، ولم يبلغ حد التواتر. مثاله: قوله صلّى الله عليه وسلّم: “المسلم من سلم المسلمون من لسانه ويده”.
  2. – العزيز: ما رواه اثنان عن اثنين في أحد طبقاته أو أكثر من طبقة. مثاله: قوله صلّى الله عليه وسلّم: “لا يؤمن أحدكم حتى أكون أحب إليه من ولده ووالده والناس أجمعين”.
  3. – والغريب: ما تفرد بروايته شخص واحد على طول السند. ومثاله: قوله صلّى الله عليه وسلّم: “إنما الأعمال بالنيات وإنما لكل امرئ ما نوى.

ويمكن أن يكون الحديث الآحاد صحيح أو حسن لذاته أو ضعيف.

الحديث الآحاد عدا الضعيف يفيد:

  • الظن: وهو رجحان صحة نسبتها إلى من نقلت عنه، ويختلف ذلك بحسب مراتبها السابقة وقد يفيد العلم إذا رافقته قرينة وشهدت بها الأصول.
  • العمل بما دلت عليه بتصديقه إن كان خبراً، وتطبيقه إن كان طلباً.

أقسام الحديث باعتبار القبول والرد

كما يمكن أن نجد من خلال البحث حول الحديث النبوي  أن الحديث يقسم  باعتباد القبول والرد إلى ثلاثة أقسام: الصحيح والحسن والضعيف.

  • 1- الحديث الصحيح:

الحديث الصحيح هو ما اتصل سنده برواية العدل الضبط وسلم من الشذوذ والعلة القادحة. مثاله: قوله صلّى الله عليه وسلّم: “من يرد الله به خيراً يفقهه في الدين”

ويعرف الحديث الصحيح بأمور ثلاثة:

  1. أن يكون قد جاء في مصنف التزم فيه صاحبه الصحة إن كان قوله معتمد كصحيح البخاري وصحيح مسلم.
  2. شرط أن يصححه إمام معتمد ثقة في التصحيح ولم يكن معروفاً بالتساهل فيه.
  3. أن ينظر عالم ثقة متخصص في الحديث وملم بعلوم الحديث في رواته وطريقة تخريجهم له، فإذا وافق شروط الصحة حكم بصحته.
  • 2- الحديث الحسن:

الحديث الحسن وهو الحديث الذ اجتمع فيه شروط الحديث الصحيح إلا أن رواته أخف ضبطا من رواة الحديث الصحيح. وهو أقل مرتبة من الصحيح ولا يختلف عنه إلا بقلة ضبط الرواة، ومثاله: قوله صلّى الله عليه وسلّم: “مفتاح الصلاة الطهور وتحريمها التكبير وتحليلها التسليم”.

من مظان الحسن: ذكر ابن الصلاح أن ما رواه أبو داود منفرداً به هو من الحسن.

  • 3- الحديث الضعيف:

الحديث الضعيف وهو ما خلا عن شروط الصحيح والحسن. وهو أنواع كثيرة منها ما كان ضعفه بسبب فقد العدالة أو الضبط عند الراوي،

ومنها ما يكون ضعفه بسبب فقد الاتصال، أو بسبب وجود شذوذ او علة. ومثاله: حديث: “احترسوا من الناس بسوء الظن”.

مظان الضعيف: ما انفرد به العقيلي، أو ابن عدي، أو الخطيب البغدادي، أو ابن عساكر في “تأريخه”، أو الديلمي في “مسند الفردوس”،

أو الترمذي الحكيم في “نوادر الأصول” وهو غير صاحب السنن أو الحاكم وابن الجارود في “تأريخيهما”.

ماذا يفيد الحديث الضعيف 

الحديث الضعيف لا يفيد الظن ولا العمل، ولا يجوز اعتباره دليلاً، ولا يذكر إلا إذا ذكر ضعفه، ولا يذكر إلا في الترغيب والترهيب.

وقد ذكر بعض العلماء شروطا إن تحققت في الحديث الضعيف تساهلوا في ذكره وهي:

  • -شرط أن لا يكون الحديث شديد الضعف.
  • أن يكون أصل العمل الذي ذكر فيه الترغيب والترهيب ثابتاً.
  • أن لا يعتقد من يذكره أن النبي صلّى الله عليه وسلّم قد قاله.

الحديث الصحيح لغيره والحديث الحسن لغيره

ومن خلال بحث حول الحديث النبوي نجد ذكر العلماء أنواعا أخرى ترتقي من مرتبة الضعيف إلى الحسن لغيره أو من الحسن على الصحيح لغيره

  • الحديث الصحيح لغيره: هو الحديث الحسن إذا تعددت طرقه. ومثاله: حديث عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما أن النبي صلّى الله عليه وسلّم أمره أن يجهز جيشاً فنفدت الإبل، فقال النبي صلّى الله عليه وسلّم: “ابتع علينا إبلاً بقلائص من قلائص الصدقة إلى محلها”.
  • الحديث الحسن لغيره: هو الحديث الضعيف إذا تعددت طرقه على وجه يجبر بعضها بعضاً، بشرط ان لا يكون فيها كذاب ولا متهم بالكذب. ومثاله: حديث عمر بن الخطاب رضي الله عنه قال: كان النبي صلّى الله عليه وسلّم إذا مد يديه في الدعاء لم يردهما حتى يمسح بهما وجهه وأخرجه الترمذي

تعريف الحديث الموضوع

وفي نهاية البحث حول الحديث النبوي لابد من تعريف الحديث الموضوع،

فقد عرفه ابن الصلاح فقال: هو الحديث المختلق والمكذوب والمصنوع مع نسبته إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم،

فلا يعتبر حديثا. وجعله العلماء قسما من الحديث من باب المعرفة وليس من باب أنه نوع من الأحاديث، ولا بد من أن

يصرح المتحدث عند ذكره للحديث الموضوع فيقول: موضوع أو كذب أو باطل أو لا يصح.


You might also like