أحكام اللقطة

مقدمة عن أحكام اللقطة

من مقاصد الشريعة الإسلامية حفظ الأموال، لذا بين الإسلام أحكام اللقطة وفصل فيها حتى يضمن وصل صاحبها إليها، أو يتصرف بها الملتقط لكن بشروط، وفي هذا المقال سنبين تعريف اللقطة وأنواعها والتعريف بها وأحكام التصرف بها.

تعريف اللقطة

اللقطة في اللغة: بسكون القاف أو فتحها: ما يلتقط، أو ما وجد بعد طلب، قال تعالى: {فالتقطه آل فرعون}، وهي بهذا المعنى اللغوي العام تشمل ما يلتقطه الإنسان من بني آدم (اللقيط)، أو الأموال، أو الحيوان.

وتعريف اللقطة بالاصطلاح: المال الضائع من ربه يلتقطه غيره، وجاء في كتب الحنفية: هي مال يوجد، ولا يعرف مالكه، وليس بمباح كمال الحربي.

أنواع اللقطة

اللقطة نوعان:

  • لقطة المال: الساقط من النقود أو الذهب أو البضائع أو الأطعمة الذي لا يعرف مالكه.
  • لقطة الحيوان: وهو الحيوان الضال من الإبل والبقر والغنم من البهائم.

أحكام اللقطة عند الفقهاء:

أولا- حكم لقطة الحيوان:

ذكر الفقهاء قولين في جواز التقاط الحيوان: فقال الحنفية والشافعية يجوز التقاطها في الأصح عندهم، بغية حفظها لصاحبها وصيانة لأموال الناس ومنعاً من ضياعها أو وقوعها في يد غير أمينة.

وقال مالك وأحمد: يكره التقاط ضالة الحيوان، كما يكره لقطة المال أيضاً عندهم، ودليلهم أن رسول الله سأله رجل عن ضالة الإبل، فقال: (مالك ولها، دعها، فإن معها حذاءها وسقاءها، ترد الماء، وتأكل الشجر حتى يجدها ربها. وسأله عن الشاة فقال: خذها فإنما هي لك، أو لأخيك أو للذئب)، أي أن لقطة الإبل غير جائزة، ولقطة الأموال الأخرى جائزة.

ثانيا – أحكام اللقطة غير الحيوان:

اختلف عند الفقهاء عل قولين:

الحنفية والشافعية: قالوا الأفضل الالتقاط؛ لأن واجب المسلم الحفاظ على مال أخيه المسلم، لقوله تعالى: {وتعاونوا على البر والتقوى}، ولحديث: (والله في عون العبد ما كان العبد في عون أخيه)، فيكون هذا الالتقاط سبيلاً لحفظ المال، ثم رده على صاحبه، لأنه ربما يقع في يد إنسان غير أمين، ويكره له الالتقاط إن كان يظن من نفسه عدم الأمانة، أما إن علم من نفسه الخيانة دون الرد على صاحبه، حرم الالتقاط، لقوله صلّى الله عليه وسلم فيما يرويه أحمد عن جرير بن عبد الله: (لا يأوي الضالة إلا ضال، مالم يعرّفها) .

وذهب المالكية والحنبلية إلى كراهية الالتقاط، لأنه يعرض نفسه لأكل الحرام، ولما يخاف أيضاً من التقصير فيما يجب لها من تعريفها وردها لصاحبها وترك التعدي عليها.

أحكام اللقطة من حيث الضمان وعدمه:

 الحنفية: تعتبر اللقطة أمانة في يد الملتقط لا يضمنها إلا بالتعدي عليها، أو بمنع تسليمها لصاحبها عند الطلب، وذلك إذا أشهد الملتقط على أنه يأخذها ليحفظها ويردها إلى صاحبها، قال صلّى الله عليه وسلم: (من وجد لقطة فليشهد ذوي عدل)، وهو أمر يقتضي الوجوب.

فإن لم يشهد الملتقط ولم يتصادقا، وإنما قال الآخذ: أخذتها للمالك وكذبه المالك يضمن اللقطة عند أبي حنيفة ومحمد؛ لأن الظاهر أنه أخذ اللقطة لنفسه، لا للمالك.

أحكام اللقطة في الفقه المالكي، والمالكية قالوا إن أنفق الملتقط على اللقطة شيئاً من عنده، فيخير صاحبها بين أن يفتديها من الملتقط بدفع نفقتها، أو يسلم اللقطة لملتقطها مقابل نفقتها

ويرى المالكية والشافعية والحنابلة أن اللقطة أمانة، ويستحب الإشهاد على اللقطة لكن لا يشترط، وإذا لم يشهد الآخذ فلا يضمن عندهم وعند أبي يوسف أيضاً؛ لأن اللقطة وديعة، والدليل ما جاء من حديث سليمان بن بلال وغيره أنه قال: (إن جاء صاحبها، وإلا فلتكن وديعة عندك).

حديث اللقطة

  • جاءت عدة أحاديث في أحكام اللقطة، منها ما أخرجه مسلم وأحمد والترمذي عن أبي بن كعب أن النبي صلّى الله عليه وسلم قال: (عرفها فإن جاء أحد يخبرك بعدَّتها ووعائها ووكائها، فأعطها إياه، وإلا فاستمتع بها).
  • وما رواه زيد بن خالد الجهني، قال: (سئل رسول الله صلّى الله عليه وسلم عن لقطة الذهب والورق، فقال اعرف وكاءها، وعفاصها، ثم عرِّفها سنة، فإن لم تعرف فاستنفقها، ولتكن وديعة عندك، فإن جاء طالبها يوماً من الدهر، فأدّها إليه).

مدة تعريف اللقطة

من أحكام اللقطة أن يعرف بها مدة بينتها السنة، بالنسبة لضالة الإبل اتفق العلماء على أن لواجد ضالة الغنم في المكان البعيد عن الناس أن يأكلها، لقوله صلّى الله عليه وسلم في الشاة: (هي لك أو لأخيك أو للذئب)، واختلفوا هل يضمن قيمتها لصاحبها أو لا؟.

قال جمهور العلماء: إنه يضمن قيمتها، إذ لا يحل مال امرئ مسلم إلا عن طيب نفس منه.

وقال مالك في أشهر أقواله: إنه لا يضمن أخذاً بظاهر هذا الحديث.

وأما اللقطة غير الغنم من الأموال والحيوانات: فاتفق العلماء على تعريف ما كان منها له أهمية وشأن مدة سنة؛ لأن النبي صلّى الله عليه وسلم أمر بتعريف اللقطة سنة واحدة كما عرفنا.

والأدلة على ذلك ما روى البخاري ومسلم عن زيد بن خالد الجهني، قال: (سأل رجل رسول الله صلّى الله عليه وسلم عن اللقطة، فقال: عرفها سنة) وقوله: (لا تحل اللقطة، فمن التقط شيئاً فليعرِّف سنة).

وإذا كانت اللقطة حقيرة لا قيمة كبيرة لها فقال الشافعية: الأصح أن الشيء الحقير، أي القليل المتمول وهو بقدر الدينار أو الدرهم لا يعرَّف سنة، لقول عائشة: (لا بأس بما دون الدرهم أن يستنفع به)

حكم بيع اللقطة

مما يتعلق بأحكام اللقطة، ماذا يصنع باللقطة بعد أن وجدها:

  • إذا كانت اللقطة شيئا تافها فقد قال الفقهاء لا خلاف في إباحة أخذ اليسير من الأشياء والانتفاع به من غير تعريف كالتمرة والكسرة والخرقة، لأن النبي صلّى الله عليه وسلم لم ينكر على واجد التمرة حيث أكلها بل قال له: (لو لم تأتها لأتتك) ورأى النبي صلّى الله عليه وسلم تمرة فقال: (لولا أني أخاف أن تكون من الصدقة لأكلتها)
  • إذا كانت اللقطة مما لا يتسارع إليها الفساد، فإن كانت مما يتسارع بها تصدق بها أو أنفقها على نفسه عند الحنفية.

أحكام اللقطة في الحج

أجمع العلماء على أنه لا يجوز التقاطها لنهيه عليه السلام عن ذلك، ولا يجوز لقطة مكة أيضاً، لقوله صلّى الله عليه وسلم في بلد مكة

يوم الفتح: (ولا تحل لقطتها إلا لمعرِّف).

حكم تملك اللقطة

اختلف العلماء في أحكام اللقطة بعد تعريفها سنة على رأيين: رأي يجيز تملكها للفقير دون الغني، ورأي يجيز تملكها مطلقاً.

الأول: قال الحنفية إذا كان الملتقط غنياً ليس له أن ينتفع باللقطة، وإنما يتصدق بها على الفقراء، لقوله صلّى الله عليه وسلم من حديث أبي هريرة: (لا تحل اللقطة، فمن التقط شيئاً فليعرِّف سنة، فإن جاء صاحبها، فليردها عليه، وإن لم يأت فليتصدق).

وأما إذا كان الملتقط فقيراً فيجوز له الانتفاع باللقطة بطريق التصدق، لقوله عليه الصلاة والسلام: (فليتصدق بها)، فإن جاء صاحبها بعد التصدق بها أو الانتفاع بها وتعرف عليها فهو بالخيار: إن شاء

أمضى الصدقة وله ثوابها، وإن شاء ضمن الملتقط، وإن شاء أخذها من الفقير المتصدق عليه بها إن وجده، وأيهما ضمن لم يرجع على صاحبه.

ورأي جمهور الفقهاء: يجوز للملتقط أن يتملك اللقطة، وتكون كسائر أمواله سواء أكان غنياً أم فقيراً؛ لأنه مروي عن جماعة من الصحابة كعمر وابن مسعود وعائشة وابن عمر، وهو ثابت بقوله صلّى الله عليه وسلم في حديث زيد بن خالد: (فإن لم تعْرَف فاستنفقها) وفي لفظ (فشأنك بها).

حكم اللقطة من الذهب

ينطبق على اللقطة من الذهب أحكام اللقطة إذا كان مالا ذا قيمة، فيعرفه سنة، ثم له أن يتصرف به بالتصدق به على الفقراء إن كان غنيا، أو على نفسه إن كان فقيرا مع ضمانه لصاحبه.

يمكنك الاطلاع على مقال: الفقه الإسلامي

You might also like