الإمام أحمد بن حنبل

نسب الإمام أحمد ومولده

عرف الناس الإمام أحمد بن حنبل بأنه رجلا كهلا ليس له عمل إلا درس الحديث وجمعه وبيان فقه السنة ونقلها للناس، كما رأوه يساق من مجلسه مكبلا بالحديد ويجلد من بغداد إلى طرطوس، ويسجن ثمانية وعشرين شهرا على أن يقول كلمة لا يسوغ الشرع أن ينطق بها، وبقي ثابتا على الحق.

  • هو أبو عبد اللَّه أحمد بن محمد بن حنبل بن هلال بن أسد بن إدريس، الشيباني المروزي ثم البغدادي.
  • أصله من مرو، جاءت به أمه من مرو حملًا، وولد ببغداد، ونشأ بها وذاع صيته إلى أن توفي بها.
  • ولد الإمام أحمد بن حنبل في شهر ربيع الأول سنة أربع وستين ومائة للهجرة.
  • حنبل اسم جده، والإمام أحمد عربي الأب والأم فهما ينتهيان إلى قبيلة شيبان العدنانية.
  • توفي ضحوة يوم الجمعة الثاني عشر من شهر ربيع الأول سنة إحدى وأربعين ومائتين للهجرة.

قد يهمك: الإمام أبو حنيفة

نسب الأمام أحمد ومولده

نشأة الإمام أحمد

  • انتقلت أسرة الإمام أحمد من مرو إلى بغداد، ومات والده بعد ميلاده، وكان أباه جوادا كريما.
  • نشأ الإمام أحمد بن حنبل تحت كنف وتربية أمه، ورعاية عمه، فوجهته نحو العلم منذ صغره حيث كانت بغداد معدن العلم وموئله.
  • برز الإمام أحمد بن حنبل منذ صباه وظهرت عليه آثار النجابة والتقى، واحتمل المكاره التي لا يطيقها إلا اولي العزم من الأتقياء.
  • عاش الإمام أحمد فقيرا، وكان ينفر من أن يكون لأحد عليه يد فتناله منة العطاء، فاضطر أحيانا كثيرة أن يعمل بيده ليكسب رزقه، وكانت تأتيه غلة عقار تركه له والده ويتعفف بأجرة هذا العقار عن الناس.

صفات الإمام أحمد بن حنبل

  • صفاته الخلقية: حسن الوجه، ربعة من الرجال، يخضب بالحناء خضاباً ليس بالقاني، في لحيته شعرات سود، شديد التعهد لنفسه.
  • الإمام البارع المجمع على جلالته، وإمامته، وورعه، وزهادته، وحفظه، ووفور علمه، وسيادته
  • كان يعرف الفارسية ويتحدث بها لمقام أسرته بخراسان واتصال أعمال عمه بها.
  • شاع بين الناس ذكر عفافه وتقواه ونزاهته، فقصده الناس للسؤال والفتوى.
  • شهد له الجميع بقوة حفظه وذاكرته، مع وعي وفهم لكل ما يحفظ من حديث رسول الله أو سيرته وأقوال أصحابه.
  • صاحب صبر شديد وتحمل لا يقوى عليه الكثير، وظهر ذلك في محنته في قضية خلق القرآن، حيث تم تعذيبه وسجنه.
  • ذو هيبة ووقار يسود المجلس مع تواضع واطمئنان نفس، فكان لا يمزح ولا يلهو، ولا يمزح الناس في مجلسه.
  • كان الإمام أحمد بن حنبل يرفض أن يأخذ عطاء الخلفاء والولاة، ويتعفف أن يتولى ولاية، لذا كان ميالا للفقراء يكرمهم ويعزهم، مقصرا عن اهل الدنيا.

علم الإمام أحمد

  • توجه الإمام أحمد بن حنبل منذ صغره لطلب العلم في بغداد، فاستحفظ القرآن الكريم، ودرس العربية والحديث، وسيرة النبي صلى الله عليه وسلم وأثار الصحابة والتابعين وسيرهم.
  • أكسبه اليتم جدية بين أقرانه وقوة احتمال، ورغبة في العمل وطلب العلم، وكأنه أودع سر الرجل الكبير.
  • اختار علم الحديث من بين العلوم وعمره خمسة عشر سنة، وكان هذا يحتاج منه الانتقال بين الأمصار فكان له رحلة واسعة في طلب الحديث والعلم، فدخل مكة، والمدينة، والشام، واليمن، والكوفة، والبصرة، والجزيرة.
  • ثم التقى في قلبه الفقه مع الحديث فتفقه على الشافعي حين قدم بغداد، وعلى أبي يوسف صاحب أبي حنيفة ثم أصبح مجتهداً مستقلاً، وأكب على السنة يجمعها ويحفظها، حتى صار إمام المحدثين في عصره، بفضل شيخه: هشيم بن بشير بن أبي خازم البخاري الأصل.
  • كان الإمام أحمد بن حنبل يكتب كل ما يسمع من أحاديث رسول الله صلى الله عليه وسلم رغم حفظه وقوة ذاكرته، لأن العصر كان عصر التدوين.
  • كان إماماً في الحديث والسنة والفقه، قال عنه إبراهيم الحَرْبي: “رأيت أحمد، كأن الله قد جمع له علم الأولين والآخرين” وقال عنه الشافعي حين ارتحل إلى مصر: “خرجت من بغداد، وما خلَّفت بها أتقى ولا أفقه من ابن حنبل”.
  • جليس للتحدث والفتوى وصار مرجعا للناس في ذلك، وجلس للدرس لما بلغ الأربعين سنة وفاة الشافعي، عندما لم يجد أحدا يملؤه.
  • لا يسمح لأحد بالكتابة عنه سوى الحديث، وينهى عن كتابة فتاويه ونقلها، لأنه يرى أن علم الدين هو الكتاب والسنة فهو الذي يكتب، إلا أن تلامذته رووا عنه مجلدات ضخمة

قد يهمك: مذهب الحنيفة

علم الإمام أحمد

مشايخ الإمام أحمد بن حنبل

  • مشايخ الإمام أحمد بن حنبل كثر، تجاوز عددهم المائة، جمعهم ابن الجوزي في كتاب ” مناقب الإمام أحمد”، منهم:
  • الإمام الشافعي والإمام هشيم بن بشير، ووكيع بن الجراح، ويعقوب ابن إبراهيم ويحيى بن سعيد القطان، وأبو إسحاق الزهري، والمعتمر بن سليمان والوليد بن مسلم وسفيان بن عيينة وابن راهوية وعبد الرزاق بن همام، وابن علية، وابن مهدي وغيرهم كثير.
  • ·        للإمام أحمد بن حنبل شيخان لم يرهما وكان يسمع مناقبهما ويحاول أن يتأسى بهما بدقة أحدهما سفيان الثوري والثاني عبد الله بن مبارك رضي الله عنهم، يقول الإمام أحمد عن سفيان الثوري: لا يتقدمه في قلبي أحد، وكان يصفه وحده بالإمام دون غيره من العلماء.

تلامذة الإمام أحمد بن حنبل

نورد لكم هنا أشهر تلاميذ الإمام أحمد بن حنبل كما يلي:

  • تتلمذ على الإمام أحمد خلق كثير، جلسوا إليه وارتحلوا من مختلف البلدان، ومن أبرز تلامذته:
  • أبو بكر المروذي، وأبو بكر بن الأثرم، والوراق أحمد بن هانئ، وحرب بن إسماعيل الكرماني، وإبراهيم بن إسحاق الحربي، ومن علماء الحديث روى عنه أبو داوود السجستاني، ومحمد بن إسماعيل البخاري، ومسلم بن الحجاج، وصالح وعبد الله ابنا الإمام أحمد. وغيرهم كثير
تلامذة الإمام أحمد بن حنبل

أقوال العلماء في فضل الإمام أحمد

عرف الناس عامة وأهل العلم خاصة مكانة وفض الإمام أحمد، فأثنوا عليه / ومما قيل فيه:

  • عن أبي مسهر قال: ما أعلم أحدًا يحفظ على هذه الأمة أمر دينها إلا شابا بالمشرق يعني أحمد بن حنبل.
  • عن علي بن المديني قال: قال لي سيدي أحمد بن حنبل: لا تحدث إلا من كتاب.
  • عن أبي عبيد قال: انتهى العلم إلى أربعة: أحمد بن حنبل، وهو أفقههم فيه، علي بن المديني وهو أعلمهم به، ويحيى بن معين وهو أكتبهم له، وأبي بكر بن أبي شيبة وهو أحفظهم له.
  • قال أبو زرعة: ما رأيت أحدا أجمع من أحمد بن حنبل، وما رأيت أحدًا أكمل منه، اجتمع فيه زهدٌ، وفقه، وفضلٌ، وأشياء كثيرة.
  • قال قتيبة: أحمد إمام الدنيا.
  • قال الشافعي: ما رأيت أعقل من أحمد بن حنبل، وسليمان بن داود الهاشمي.
  • قال أبو حاتم: كان أحمد بن حنبل بارع الفهم بمعرفة صحيح الحديث وسقيمه.
  • قيل لبشر الحافي حين ضُرِب أحمد بن حنبل في المحنة: لو قمت، وتكلمت كما تكلم،

فقال: لا أقوى عليه، إن أحمد قام مقام الأنبياء.

ما قد يهمك: أبو بكر الصديق

أقوال العلماء في فضل الإمام أحمد

محنة الإمام أحمد بن حنبل في قضية خلق القرآن

  • في أيام الإمام أحمد بن حنبل كثر الكلام حول القرآن في كونه مخلوق أم غير مخلوق، واعتنق هذا الرأي المأمون ودعا إلى القول بخلق القرآن وأعلن أنه المذهب وأراد أن يكره الناس بالقوة على ذلك.
  • كتب المأمون إلى ولاته أن يرغموا الناس على ذلك، ومنهم والي العراق اسحق بن إبراهيم، فمنع تعيين أحد في مناصب الدولة أو قول شهادة أحد في أي قضية حتى يقول بخلق القرآن.
  • بدأ سؤال الناس عن قولهم في خلق القرآن، فمن لم يوافق وثق وسيق إلى معسكر أمير المؤمنين، وأول من امتحن الفقهاء، ومن بينهم الإمام أحمد وهو الوحيد الذي ثبته الله على الحق، فقيد بالحديد وسيق لمعسكر الخليفة المأمون وفي الطريق جاء خبر وفاة المأمون.
  • تولى بعده المعتصم فسجن ابن حنبل ثمانية وعشرين شهرًا لامتناعه عن القول بخلق القرآن وكان يضرب بالسياط حتى يغمى عليه ويوخز بالسيف فلا يحس، ولما يئسوا من أن يجيبهم لقولهم أطلقوا سراحه.
  • ولم يصبه شر في زمن الواثق باللَّه بعد المعتصم، ولما تولى المتوكل ابن المعتصم أكرم الإمام أحمد، وقدمه، ومكث مدة لا يولى أحدًا إلا بمشورته، وتوفي الإمام أحمد وهو على تقدمه عند المتوكل.
  • وقد امتحن أحمد بالضرب والحبس في فتنة خلق القرآن في زمن المأمون والمعتصم والواثق، فصبر صبر الأنبياء، قال عنه ابن المديني: “إن الله أعز الإسلام برجلين: أبي بكر يوم الردة، وابن حنبل يوم المحنة”، وقال عنه بشر الحافي: “إن أحمد قام مقام الأنبياء”.
محنة الإمام أحمد في قضية خلق القرآن

مصنفات الإمام أحمد بن حنبل

ترك الإمام أحمد بن حنبل رصيدا طيبا من المصنفات، كلها تندرج تحت باب الحديث، ومن أهمها:

المسند: جمعه الإمام أحمد على مدى حياته، وفيه أربعين ألف حديث، انتقاها من سبعمائة وخمسون ألف حديث، وقد خدم هذا الكتاب وطبع مرارا.

  • العلل ومعرفة الرجال.
  • التاريخ.
  • الناسخ والمنسوخ.
  • الرد على الزنادقة فيما ادعت من متشابه القرآن.
  • فضائل الصحابة.
  • مسائل الإمام أحمد، برواية ابنه عبد الله.
  • الأسامي والكنى.
  • الزهد.
  • أصول السنة.

زواج الإمام أحمد بن حنبل

  • تزوج الإمام أحمد بن حنبل بعد أن بلغ عمر الأربعين عاما وكان السبب وراء تأخر زواجه هو انشغاله الشديد بالعلم ولم يكن وحيدا بل كانت امه تقوم برعاية شؤونه بالإضافة الى انشغاله بالرحلات التي يتغيب فيها كثيرا بعيدا عن منزله وبلدته فما كان يشغله الكسب او النكاح وحين وصل الى عمر الأربعين قرر ان يستقر ويتزوج
  • تزوج الامام احمد من العباسة بنت الفضل من بغداد وعاشت معه ثلاثين عاما وانجبت له غلاما اسماه صالحا وقد قال عنها الامام احمد انه ما اختلف معها خلال الثلاثين عاما وبعد ان وافتها المنية تزوج الامام أحمد من امرأة تدعى ريحانة انجبت له غلاما اسماه عبدالله وبعد ان توفت ام عبد الله اشترى الامام احمد جارية اسمها حسن وانجبت له زينب ثم انجبت توأمين الحسن والحسين ولكنهما ماتا فور ولادتهما ثم انجبت الحسن ومحمد ومن بعدهما سعيد

قصة الإمام أحمد بن حنبل في سكرات الموت

حين كان الإمام أحمد بن حنبل في سكرات الموت تجمع حوله اصحابه وكانوا يرددون لا اله الا الله كثيرا ولكنه كان يقول : لا ليس بعد ليس بعد ! وهذا اثار تعجبهم كيف لإمام السنة ان يقول ذلك بدلا من ان يقول لا اله الا الله وهذا دفعهم الى الخوف وقلقوا عليه وبعدها بقليل بعد ان افاق قال لهم: هل كنتم تقولون شيئا

فأجابوه : نعم كنا نقول لا اله الا الله فقلت لا، ليس بعد فقال لهم : لم اكن اكلمكم ولكنه ابليس كان يعض اصابعه من الندم ويقول اه فلت مني يا ابن حنبل فقلت ليس بعد ما دامت الروح في الجسد اراد الشيطان ان يدخل الى قلبه العجب بنفسه وهذا ما كان يجعله يقول ليس بعد ثبته الله ولم يقع في فتنة ابليس ولهذا فيجب دائما ان نقول هذا الدعاء اللهم انا نعوذ بك من فتنة المحيا وفتنة الممات لان فتنة الممات اشد ولا يسلم منها سوى من ثبته الله في سكرات الموت فاللهم ثبتنا على الحق واحفظنا من فتنة الممات

أشهر أقوال الشافعي في أحمد بن حنبل

  • قال الشافعي في الامام احمد بن حنبل: خرجت من بغداد وما خلفت بها افقه ولا اورع ولا ازهد ولا اعلم من احمد بن حنبل
  • قال الشافعي في احمد بن حنبل: رأيت ببغداد شابا اذا قال: حدثنا قال الناس: صدق فقال المزني ومن هو فقال : أحمد بن حنبل
  • قال الشافعي في احمد بن حنبل: احمد امام في ثمان خصال، اما في الحديث وامام بالفقه، امام بالقرآن وامام باللغة، امام في السنة وامام في الزهد، امام في الورع وامام في الفقر

حوار شعري بين الشافعي والامام احمد بن حنبل

حوار شعري دار بين الامام الشافعي والإمام أحمد بن حنبل

فقال الامام الشافعي:

احب الصالحين ولست منهم …وارجو ان انال بهم شفاعة

واكره من تجارته المعاصي … وان كنا سواء في البضاعة

فرد عليه الامام احمد بن حنبل :

تحب الصالحين وانت منهم … رفيق القوم يلحق بالجماعة

وتكره من بضاعته المعاصي … حماك الله من تلك البضاعة

فكان رد الشيخ زيد بن محمد بن هادي:

وما قال الامام اراه حقا … ومن كالشافعي علما وطاعة

ويا ليت النساء يلدن يوما…. كمثل الشافعي في كل ساعة

شجاع ماجد حبر كريم …. عظيم الزهد حليته القناعة

وفي شتى العلوم له اطلاع …. كذا الاخلاق اسوته الجماعة

ويا رباه فارحمنا جميعا … اله الخلق وامنحنا الشفاعة

You might also like