البدعة في الإسلام

مقدمة حول البدعة في الإسلام

 تأتي السنة مقابل البدعة في الإسلام، والسنة الطريقة المحمودة في الشرع، والبدعة طريقة تحسب على الدين، واختلف العلماء في معنى البدع وأنواعها، وسنعرض في هذا المقال لبيان تعريف البدعة وأنواعها وضوابطها وأقوال العلماء فيها.

ما معنى البدع في الإسلام

لا بد أولا من تعريف البدعة لغة واصطلاحا

البدعة في اللغة: اسم من الابتداع، فيقال: أبدع الشيء وابتدعه: أنشأه وبدأه، والبدع والبديع: الشيء الذي يكون أولاً.

فهي: ابتداء الشيء وصنعه لا عن مثال، والآخر: الانقطاع والكلال.

البدعة في الشرع: جاء تعريف البدعة عند الفقهاء بألفاظ متقاربة، ومنها

قال الشافعيُّ: البدعة ما خالف كتابًا أو سُنة أو أثرًا عن بعض أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم.

وعرفها العزُّ بن عبد السلام: فعلُ ما لم يُعهد في عهد رسول الله -صلى الله عليه وسلم.

وتعريف ابن الجوزي للبدعة: البدعة عبارة عن فعلٍ لم يكن؛ فابتدع.

تعريف ابن رجب للبدعة: ما أحدث مما لا أصل له في الشريعة يدل عليه، فأما ما كان له أصل من الشرع يدل عليه، فليس ببدعة شرعًا، وإن كان بدعة لغة.

وتعريف المالكية للبدعة بقول الشاطبيُّ: طريقة في الدين مخترعة تضاهي الشرعية، يقصد بالسلوك عليها المبالغة في التعبد لله تعالى.

حديث البدعة

جاءت أحاديث تحدثت عن البدعة في الإسلام، منها ما أخرجه البخاري ومسلم عن عائشة رضي الله عنها، قالت: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم: (من أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه فهو ردّ).

وأخرج أحمد في مسنده وأبو داود حديث: (فإنَّه من يعش منكم؛ فسيرى اختلافًا كثيرًا، فعليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين المهديين عضّوا عليها بالنواجذ، وإياكم ومحدثات الأمور؛ فإنَّ كل بدعة ضلالة، وكل ضلالة في النار).

هل البدعة حرام أم حلال

من خلال الحديث الذي مر يشير إلى أن البدعة في الإسلام تعتبر كل بدعة ضلالة، فهي حرام، لكن العلماء ذكروا مواقف وأعمال للصحابة تشير إلى أنهم جاءوا بأفعال لم يفعها رسول الله ولم يعتبروا كل محدثة بعد رسول الله بدعة، ومن ذلك قول عمر رضي الله عنه: (نعمت البدعة هذه، والتي ينامون عنها خير من التي يقومون لها).

لذا نجد أنهم قسموا البدعة في الإسلام إلى قسمين منها الحلال ومنها الحرام، والبدعة في الإسلام يمكن أن تأخذ الأحكام التكليفية الخمسة وذكروا ضوابط البدعة، فالبدعة قد تكون بدعة واجبة، أو محرمة، أو مندوبة، أو مكروهة، أو مباحة، والطريق في معرفة ذلك أن تعرض البدعة على قواعد الشريعة:

  •  فإن دخلت في قواعد الإيجاب فهي واجبة، ومن أمثلتها: تدوين أصول الفقه، والكلام في الجرح والتعديل
  •  وإن دخلت في قواعد التحريم فهي محرمة، ومن أمثلتها مذهب القدرية، ومذهب الجبرية، ومذهب المرجئة.
  • والمندوبة ما دخلت في قواعد المندوب ومثالها إحداث الرُّبُط والمدارس وبناء القناطر
  • والمكروهة زخرفة المساجد، ومنها تزويق المصاحف
  • والمباحة ما دخلت في قواعد المباح فهي مباحة، مثل توسيع الأكمام ولبس الطيالسة والتوسع في المآكل.

أنواع البدعة

ذكر العلماء أن البدعة في الإسلام على نوعين:

 بدعة حسنة وبدعة ضلالة، والمعيار في ذلك هو نصوص الشرع ومقاصده وقواعده، فكل أمر محدث يعرض عليها فما قبلته موازين الشرع وقواعده كان حسنا، وإلا فهو البدعة الضلالة.

  • البدعة المذمومة: هي التي تصادم السنة ويكاد يفضي إلى تغييرها.
  • –         والبدعة الحسنة: ما أحدث على أصل أو مثال سبق.

كما تقسم البدعة في الإسلام إلى حقيقية وإضافية:

  • البدعة الحقيقة: البدعة التي لا يدل عليها دليل شرعي لا من كتاب ولا سنة ولا إجماع، ومن أمثلتها: تحريم الحلال، وتحليل الحرام.
  • البدعة الإضافية: وأما البدعة الإضافية، فلها جانب مشروع ولكن المبتدع يُدْخِل على هذا الجانب المشروع أمراً من عند نفسه فيخرجها عن أصل مشروعيتها بعمله هذا، وأكثر البدع المنتشرة عند الناس من هذا النوع.
  • ومن أمثلتها: الصوم، كأن يصوم واقفا، أو في الشمس، الذّكر على هيئة معينة والتمسك بهذه الهيئة واعتبارها من الدين
  • ثم إن البدعة قد تكون عملية أو قولية أو اعتقادية، بأن يقول أو يعتقد أو يعمل خلاف ما جاء به الكتاب والسنة.
  •  

 أقوال العلماء في البدعة الحسنة:

قال ابن الجوزي: إن القوم كانوا يتحذرون من كل بدعة وإن لم يكن بها بأس لئلا يحدثوا مالم يكن، وقد جرت محدثات لا تصادم الشريعة ولا تتعارض معها، فلم يروا بفعلها بأساً مثل جمع عمر الناس على صلاة القيام في رمضان فقال: نعمت البدعة هذه.

من الأمثلة على البدع

من أمثلة البدعة في الإسلام وهي من البدع الحسنة من فعل الصحابة رضوان الله عليهم أشياء تركها رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولم يفعلها، فكان فعلهم دليلاً على جواز إحداث ما ترك في الصدر الأول، إن دعت إليه مصلحة أو حاجة، وكان مما يدخل تحت أصول الشريعة وقواعدها العامة، ومن أمثلة ذلك:

  • الأذان الأول يوم الجمعة: فقد أخرج البخاري عن السائب بن يزيد قال: كان النداء يوم الجمعة أوله إذا جلس الإمام على المنبر على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم وأبي بكر وعمر، فلما كان عثمان وكثُر الناس زاد النداء الثالث على الزَّوراء.
  • زيادة ابن عمر في التشهد: أخرج أبو داود عن ابن عمر رضي الله عنهما عن رسول الله صلى الله عليه وسلم في التشهد: (التحيات لله الصلوات الطيبات السلام عليك أيها النبي ورحمة الله وبركاته ـ قال ابن عمر: زدتُ فيها: (وبركاته) ـ السلام علينا وعلى عباد الله الصالحين، أشهد أن لا إله إلا الله ـ قال ابن عمر: زدتُ فيها: (وحده لا شريك له) ـ وأشهد أن محمداً عبده ورسوله.

كما أن بعض العلماء فعل أشياء تركها رسول الله من ذلك مما يعتبر من البدعة في الإسلام:

  •  الإمام أحمد بن حنبل يجوز دعاء ختم القرآن الذي لم يفعله رسول الله: قال ابن قدامة في المغني: قال الفضل بن زياد: سألت أبا عبد الله فقلت: أختم القرآن؛ أجعله في الوتر أو في التراويح؟ قال: اجعله في التراويح حتى يكون لنا دعاء بين اثنين. قلت: كيف أصنع؟ قال: إذا فرغت من آخر القرآن فارفع يديك قبل أن تركع وادع بنا ونحن في الصلاة وأطل القيام. قلت: بم أدعو؟ قال: بما شئت. قال: ففعلت بما أمرني وهو خلفي يدعو قائماً ويرفع يديه.
  • ابن تيمية في ذكر الله عزّ وجلّ: كان بعد صلاة الفجر فلا يزال في الذكر يسمع نفسه وربما يسمع ذكره من إلى جانبه، مع كونه في خلال ذلك يكثر في تقليب بصره نحو السماء، هكذا دأْبُه حتى ترتفع الشمس ويزول وقت النهي عن الصلاة.

كفارة البدعة

ليس على البدعة في الإسلام كفارة سوى الإقلاع عنها والاستغفار من فعلها، وذكر في توبة المبتدع، يرى بعض علماء التابعين أنها بعيدة أي قد لا تقبل، لأن المبتدع لا ينتقل من بدعة إلا إلى شر منها، لكن مالم تكن بدعة مكفرة فباب الله لا يغلق.

قد يهمك الاطلاع على مقال: علم الجرح والتعديل

You might also like