النسخ في القرآن

النسخ في القرآن من علوم القرآن الكريم المهمة التي ينبغي على طالب العلم أن يلم بها، وهذا المقال سنتحدث عن هذا العلم، مفهوم النسخ، وشروط  النسخ في القرآن، وآراء العلماء في النسخ، وعدد الآيات المنسوخة  في القرآن وأنواع النسخ، وغير ذلك مما يتعلق بالنسخ.

تعريف النسخ في القرآن

مفهوم النسخ في اللغة والاصطلاح:

النسخ في اللغة: يأتي النسخ في اللغة بمعنى الرفع والإزالة، كما يأتي بمعنى النقل.

والنسخ في الاصطلاح هو رفع الحكم الشرعي السابق بدليل شرعي متأخر عنه في زمن النزول.

مجالات النسخ

وهذا يقودنا إلى السؤال عن مجال النسخ ما المجالات التي يكون فيها النسخ؟، فنقول أن مجال النسخ فقط في الأوامر والنواهي الشرعية، أي النسخ لا يكون إلا في الأحكام الشرعية، وهو لا يكون إلى في القرآن والسنة.

أدلة ثبوت النسخ

هل النسخ ثابت في القرآن والسنة؟ استدل العلماء على ثبوت النسخ ووقوعه من القرآن والسنة/

أدلة النسخ من القرآن: قول الله تعالى: { ما ننسخ من آية أو ننسها نأت بخير منها أو مثلها ألم تعلم أن الله على كل شيء قدير} البقرة 106.

أدلة النسخ من السنة: حديث النبي صلى الله عليه وسلم: (كنت نهيتكم عن زيارة القبور ألا فزوروها فإنها تذكر الموت)، فالحكم الشرعي الأول هو النهي عن زيارة القبور ثم جاء الحكم الناسخ له وهو جواز زيارة القبور.

أنواع النسخ في القرآن

ذكر العلماء أنواع النسخ مع ذكر أمثلة لها/ ومنها:

  • نسخ القرآن بالقرآن، مثاله الآيات التي جاءت في تحريم الخمر على ثلاث مراحل، وهذا النوع محل اتفاق.
  • نسخ السنة بالقرآن، ومثاله نسخ استقبال بيت المقدس في الصلاة الثابت بالسنة بقوله تعالى: {فول وجهك شطر المسجد الحرام وحيث ما كنتم فولوا وجوهكم شطره}.
  • نسخ السنة بالسنة ، ومثاله نسخ زواج المتعة الثابت بالسنة بحكم متأخر نهى عنه.
  • نسخ القرآن بالسنة : وهو محل تفصيل

هل تنسخ السنة القرآن؟، هذه المسألة فيها تفصيل

نسخ القرآن بالسنة المتواترة:

الفريق الأول: جمهور العلماء وهم الأمام مالك والحنفية وأكثر المتكلمين على جواز نسخ القرآن بالسنة المتواترة ، وأدلة العلماء على جواز نسخ القرآن بالسنة المتواترة هي أنه لا يمنع من وقوع ذلك العقل ولا الشرع، ولأن السنة المتواترة هي وحي من الله وكذلك القرآن وحي من الله.

الفريق الثاني: الشافعي وأحمد في إحدى روايتيه وأكثر أهل الظاهر قالوا بعدم جواز نسخ القرآن بالسنة المتواترة والآحاد، وأدلة القائلين بعدم نسخ السنة للقرآن أن وظيفة النبي هي بيان ما جاء في القرآن، لقوله تعالى: {وأنزلنا إليك الذكر لتبين للناس ما نزل إليهم} النحل 44. وكذلك حصر النسخ في القرآن لقوله تعالى: {وإذا بدلنا آية مكان آية والله أعلم بما ينزل} فحصر النسخ في القرآن.

نسخ القرآن بالسنة الآحاد

هل تنسخ السنة الآحاد القرآن؟

جمهور الأصوليون يقولون بمنع نسخ القرآن بسنة الآحاد، وأدلة القائلين بعدم نسخ السنة الآحاد للقرآن تتمثل في أن القرآن قطعي الثبوت وقد يكون قطعي الدلالة، بينما السنة الآحاد ظنية الثبوت والدلالة فهي في مرتبة أضعف من القرآن فلا تقوى على نسخه ورفعه.

ومن قال بجواز نسخ السنة الأحاد للقرآن أهل الظاهر، استدلوا على ذلك بوقوع نسخ السنة الآحاد للقرآن، في قوله تعالى: {كتب عليكم إذا حضر أحدكم الموت إن ترك خيرا الوصية للوالدين والأقربين بالمعروف حقا على المتقين} البقرة 180، نسخت بحديث (لا وصية لوارث)، وهو حديث آحاد على الصحيح.

ثم ذكر العلماء أنواعا أخرى للنسخ منها:

  • نسخ الحكم وبقاء التلاوة، مثل قوله تعالى من سورة الأنفال: {الآن خفف الله عنكم وعلم أن فيكم ضعفا فإن يكن منكم مائة صابرة يغلبوا مائتين وإن يكن منكم ألف يغلبوا ألفين بإذن الله والله مع الصابرين}، نسخت آية قبلها  وفيها {إن يكن منكم عشرون صابرون يغلبوا مائتين وإن يكن منكم مائة يغلبوا ألفا من الذين كفروا}.
  • نسخ التلاوة والحكم معا، ومثاله حديث عائشة رضي الله عنها( كان فيما أنزا عشر رضعات معلومات يحرمن، ثم نسخن بخمس معلومات).
  • نسخ التلاوة وبقاء الحكم، مثاله حديث الرضاع السابق حيث كان ذلك ثابت بالحكم لا بالتلاوة.

الحكمة من النسخ في القرآن

ذكر العلماء فوائد للنسخ منها:

  • مراعاة مصالح العباد  ومصلحة الدعوة، والترج في الأحكام الشرعية.
  • اختبار المكلفين بالتسليم  لأمر الله تعالى والامتثال لشرعه.
  • التيسير والتخفيف على العباد.

آراء الشرائع الأخرى في النسخ

هل النسخ في القرآن موجود في الشرائع الأخرى.

النسخ في القرآن موجود في الديانات الأخرى من اليهودية والنصرانية، وهذا ثابت في نصوص الكتاب المقدس، والحكمة ذاتها  من التيسير والتخفيف والتدرج ومراعاة مصالح العباد.

رأي اليهود في النسخ:

ينكر اليهود النسخ في الأحكام لأنه يستلزم البداء (ومعنى البداء هو الظهور بعد الخفاء) بمعنى أن الله قد بدا له شيئا لم يكن يعلمه فغير الحكم، وهذا محال على الله، واليهود أنفسهم يقزلون أن شريعة موسى قد نسخت ما قبلها.

رأي الشيعة في النسخ:

النسخ عند الشيعة الروافض ، يقولون بالتوسع في النسخ ووقوعه حتى أازوا البداء على الله تعالى، وهو بذلك على طرف النقيض من اليهود.

رأي أبي مسلم الأصفهاني في النسخ:

يجيزه عقلا ولكن يقول بعدم وقوعه شرعا، دليله في ذلك قول الله تعالى {لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه}.

رأي جمهور علماء المسلمين بالنسخ:

قالوا بجوازه عقلا ووقوعه شرعا، ولم يعالوا بذلك وإنما جعلوا الأحكام التي جاء فيها النسخ معدودة.

ما عدد الآيات التي جاء بها النسخ

ذكر السيوطي وهو ما عليه غالب علماء المسلمين أن عدد الآيات المنسوخة هي عشرون آية، وذكر آخرون عددا أكبر من ذلك ومنهم من أوصله إلى ما يزيد علة المائة.

السبب في اختلاف العلماء في عدد الآيات المنسوخة، هو أن من زاد فيها جعل منها تقييد المطلق وتخصيص العام، واعتبرها نسخا لذلك كثرت عندهم الأحكام المنسوخة.

فيديو عن الحكمة من النسخ في القرآن الكريم

شروط النسخ في القرآن

ذكر العلماء شروط متفق عليها في النسخ، وشروط مختلف فيها في النسخ، وسأذكر الشروط المتفق عليها:

  • أن يكون المنسوخ حكما شرعيا فالنسخ لا يكون إلا بالأحكام الشرعية، والنسخ يكون ثابت بحكم ودليل شرعي.
  • أن يكون الناسخ منفصلا ومتأخرا عن المنسوخ، فالمتصل قد يكون شرطا أو صفة للحكم لكنه لا يسمى نسخا.
  • أن يكون الناسخ ثابت بدليل شرعي من الكتاب أو السنة.
  • أن لا يكون المنسوخ حكما شرعيا مؤبدا ولا مؤقتا، فالمؤبد لا يقبل النسخ والمؤقت ينتهي بانتهاء وقته فلا يحتاج لناسخ.

قد يهمك المقال التالي: التأمل والتفكر في نعمة الإنسان.

You might also like