الوضع في الحديث النبوي

الحديث الموضوع لغة واصطلاحا

الوضع في الحديث النبوي من أهم الموضوعات في علم الحديث، ولهذا الوضع أسبابه ومخاطره، وعلاماته، التي نبينها في هذا المقال.

الحديث في اللغة الخبر والنبأ، والكلام، والحديث ضد القديم، ومعنى الموضوع: الإلقاء ، والحط والافتراء.

الحديث الموضوع في الاصطلاح: الحديث المختلق المصنوع والذي ينسب إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم كذبا. وهو ليس بحديث إنما يقال حديث  بالنظر لزعم راويه.

ماهي أسباب الوضع في الحديث النبوي

يتساءل البعض ما سبب ظهور الوضع في الحديث؟  فنقول أن لذلك أسباب كثيرة منها:

من دواعي الوضع في الحديث النبوي الزندقة: ممن أسلم ظاهرا من أصحاب الديانات الأخرى وبقي إخلاصه لدينه القديم فأرادوا إفساد عقيدة المسلمين فوضعوا أحاديث تخالف العقيدة والمعقول، للإساءة إلى الدين.

الخلافات السياسية: كالخلاف بين الشيعة والخوارج وغيرهم من فرق، قال حماد بن سلمة: “حدثني شيخ لهم (من الرافضة) قال: كنا إذا اجتمعنا فاستحسنا شيئا جعلناه حديثا.

ومن أسباب الوضع  في الحديث نصرة المذهب العقدي أو الفقهي:كالتعصب للجنس أو المذهب الفقهي أو العقدي، كالأحاديث التي وضعت في فضل الفرس، أو ذم قوم أخرين، مثاله: (إن الله إذا غضب أنزل الوحي بالعربية، وإذا رضي أنزل الوحي بالفارسية)، ومثل ما روي كذبا: “سيكون من أمتي رجل يقال له أبو حنيفة هو سراج أمتي وسيكون من أمتي رجل يقال له ابن إدريس هو أضر على أمتي من إبليس”.

قصد استهواء العامة والترغيب في الخير: من الزهاد وبعض الجهلة من المتصوفة، فيجيزوا لأنفسهم الوضع فبي الحديث النبوي، في الترغيب والترهيب، مثل ما روى نوح بن أبي مريم في وضعه أحاديث في فضل القرآن، قال: رأيت الناس قد أعرضوا عن القرآن واشتغلوا بفقه أبي حنيفة ومغازي محمد بن إسحاق فوضعت هذه الأحاديث حسبة.

التقرب للحكام والأمراء: فيضع حديثا يتوافق مع هوى الحاكم، كما روي عن غياث بن إبراهيم أنه دخل على المهدي وهو يلعب بالحمام فروى له عن النبي صلى الله عليه وسلم: (لا سبق إلا في نصل أو حافر أو جناح) فزاد في الحديث (أو جناح) إرضاء للمهدي.

من وضع الحديث؟

اشتهر عدد من وضاع الحديث منهم نوحح بن أبي مريم، وغياث بن أبراهيم وغيرهم من أصحاب الأهواء والزندقة الذين أقروا بالوضع أو أظهرهم العلماء الجهابذة.

متى ظهر  الوضع في الحديث النبوي

نشأة الحديث الموضوع بمعناه الظاهر كان في عصر صغار الصحابة وكبار التابعين حوالي سنة أربعين للهجرة، مع اتساع رقعة الإسلام ودخول كثير من الأمم المغلوبة من الفرس والروم في الإسلام، وبعد فتنة مقتل عثمان وظهور الشيعة المغالين في علي، كثرت الرواية وانتشر الكذب على رسول الله صلى الله عليه وسلم وعلى بعض الصحابة.

عن ابن سيرين قال: “لم يكونوا يسألون عن الإسناد فلما وقعت الفتنة قالوا: سموا لنا رجالكم فينظر إلى أهل السنة فيؤخذ حديثهم وينظر إلى أهل البدع فلا يؤخذ حديثهم”، رواهما مسلم في مقدمة صحيحه.

من علامات الوضع والكذب في الحديث

إن الوضع في الحديث النبوي له أمارات يعرف بها، منها ظاهرة وبعضها لا يدركها إلا المتمرس في علم الحديث، نذكر منها:

اعتراف الواضع نفسه بالوضع صراحة أو حكما كعدم علمه بتاريخ وفاة من روى عنه.

ومن قواعد معرفة الحديث الموضوع: الركاكة في لفظ الحديث ومخالفة اللسان الفصيح،

وركاكة المعنى: بمخالفته للعقل وعدم إمكان تأويله وفهمه، قال الإمام ابن الجوزي: “ما أحسن قول القائل: كل حديث رأيته تخالفه العقول وتباينه النقول وتناقضه الأصول فاعلم أنه موضوع”.

كذلك اشتمال الحديث على المبالغات الكبيرة في ذكر الأجر العظيم على العمل القليل، أو الوعيد الشديد في العقوبة على الذنب الصغير، أو التقليل من قيمة الأعمال العظيمة وتغري الناس على المعاصي.

والمخالفة للمعلوم من الحس والمشاهدة ومخالفة الحديث لصريح القرآن أو السنة الصحيحة أو الإجماع، مثل حديث: (ولد الزنا لا يدخل الجنة إلى سبعة أبناء

خطورة الحديث الموضوع

من أهم الآثار السيئة لظاهرة الوضع في الحديث النبوي على الإسلام ما يأتي:

تفرق الأمة والعبث بأمنها ووحدتها وضعفها أما أعدائها، بظهور فرق سياسية ومذهبية والتعصب لها، لم تكن لتقوم لولا استنادها على نصوص من السنة، مثال ذلك الشيعة والقدرية والخوارج.

فتح الباب للمتعصبين من اهل الكتاب والمستشرقين للطعن في الإسلام وفي مصادره واعتمادهم في كل ذلك على الروايات الباطلة الموضوعة، مما جعل بين من يريد التعرف على الإسلام النقي واعتناقه وبين دخوله حجابا من الخرافات والأباطيل من المرويات المكذوبة.

الضرر بالعقيدة وما يتعلق بمسائلها من أحاديث التجسيم والتشبيه حتى نسبوا هذا الكلام الوثني للرسول صلى الله عليه: “لو أحسن أحدكم ظنه بحجر لنفع.

 تكثير البدع ونشرها في المجتمع المسلم، ودخول الأحاديث الموضوعة إلى كتب ورسائل وأبحاث فقهية وأدبية رغم قلتها هو من أسوأ الآثار

الفرق بين الحديث الموضوع والمكذوب

لا يوجد فرق بين الحديث الموضوع والحديث المكذوب، فالحديث الموضوع هو الحديث المكذوب على رسول الله صللى الله عليه وسلم.

قد يهمكم المقال التالي: مفهوم الحديث الصحيح.

You might also like