مسألة تدوين الحديث

من أهم المسائل في علم الحديث والي يثار حولها شبهات كثيرة ممن يريد الطعن في السنة والإسلام، مسألة تدوين الحديث، وهنا سنبين متى دون الحديث، وهل صحيح ما يقوله المشككين من أن كتابة الحديث كانت بعد مائة سنة من رسول الله صلى الله عليه وسلم؟.

متى بدأ تدوين الحديث؟

  • لما كان الحديث من أصول الإسلام أصبحت العناية به فرضا على المسلمين، حفظا وضبطا وكتابة، فيسر الله في كل عصر من الأكابر ليحفظ ويحرس هذا العلم.
  • مرت كتابة الحديث من عهد النبي صلى الله عليه وسلم إلى وتدوينه في مصنفات كبرى مثل الصحيحين والسنن، مر بثلاثة مراحل:

كتابة الحديث في عهد النبي صلى الله عليه وسلم

نوضح لكم في النقاط التالية مسألة هل فعلا لم يكتب الحديث إلا بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ أم كتب في زمن النبي صلى الله عليه وسلم؟:

  • كان الصحابة رضوان الله عليهم يتلقون الدين عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قرآنا وسنة، وكان رسول الله قد حث الصحابة على تعلم الكتابة، وخاصة أن العرب أمة أمية، فلم يكن الكثير منهم يجيد الكتابة.
  • كان اعتماد الصحابة في حفظ ما يتلقونه من تعاليم الدين على ملكة الحفظ، كما حفظوا أشعارهم وأخبارهم في الجاهلية، ومما ساعدهم على ذلك: قوة الحافظة وصفاء الذهن، ووفرة الذكاء والحب للدين وللرسول، والشعور بالمسؤولية عنه، وأسلوب النبي صلى الله عليه وسلم في تلقين الكلام، حيث كان يتكلم في المجلس بكلمات لو عده العاد لأحصاه.
  • اهتم الصحابة رضوان الله عليهم بكتابة الحديث من فم رسول الله صلى الله عليه وسلم بالإضافة إلى اهتمامهم بالحفظ في صدورهم، فقام بعض الكاتبين منهم بتقييد جميع ما سمعه ورآه من رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأقرهم على ذلك رسول الله حين أمن أن يلتبس القرآن بالسنة. مع أن اهتمامهم بالقرآن كان أكثر.
  • نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن تدوين الحديث وقال: ” لا تكتبوا عني، ومن كتب عني غير القرآن فليمحه، وحدثوا عني ولا حرج، ومن كذب علي متعمدا فليتبوأ مقعده من النار”، وكان الدافع لذلك: خشية التباس السنة بالقرآن، أو أن ينشغل الصحابة رضوان الله عليهم بكتابة السنة والتي تحتاج لجهد كبير لسعة السنة عن العناية بكتابة القرآن.
  • لكن لما أمن رسول الله عدم اختلاط السنة بالقرآن واهتمام الصحابة بكتابة وحفظ القرآن، أذن للصحابة إذنا عاما بالكتابة حين قال: (قيدوا العلم بالكتاب)، وقوله: (اكتبوا لأبي شاة)، أو لبعضهم إذنا خاصا بكتابة الحديث، حيث روي عن الصحابي عبد الله بن عمرو أنّه كان يكتب كلّ ما يسمعه من رسول الله، وحينما عاتبته قريش في ذلك بحجّة أنّ النبيّ يتكلّم في الرضا والغضب، ذكر ذلك للنبيّ، فقال له النبيّ: (اكتب فوالذي نفسي بيده، ما يخرج منه إلا حق).
  • الدليل على كتابة الحديث في عهد النبي صلى الله عليه وسلم هو أن بعض الصحابة الكاتبين كتبوا صحفا خاصة بحديث النبي صلى الله عليه وسلم، وهذه الأحاديث المكتوبة في صحف الصحابة أخذها من دون المصنفات الحديثية كالبخاري ومسلم ومالك وأحمد وأصحاب السنن، ومن هذه الصحف:
  • صحيفة سمرة بن جندب: في رسالته إلى بنيه، وفيها علم كثير، وجمع فيها أحاديث كثيرة.
  • الصحيفة الصادقة: صحيفة عبد الله بن عمرو بن العاص: واشتملت على ألف حديث كلها موجودة في مسند أحمد، وهي أصدق وثيقة تثبت كتابة الحديث في عهد رسول االله صلى الله عليه وسلم وتثبت إذنه للصحابة بكتابة الحديث، وقد رأى هذه الصحيفة مجاهد بن جبر.
  • وثيقة المدينة: وهي أشبه بدستور الدولة الإسلامية الجديدة، دون فيها كتاب رسول الله صلى الله عليه وسلم حقوق المهاجرين والأنصار واليهود، ولفظ الكتابة صريح في مطلعها: (هذا كتاب محمد النبي رسول الله بين المؤمنين والمسلمين من قريش وأهل يثرب ومن تبعهم..)
  • صحيفة علي بن أبي طالب: تشتمل على مقادير الديات وأحكام فكاك الأسير، أخرجها البخاري في صحيحه.
  • صحيفة سعد بن عبادة: فيها مسائل في الشهادة والقضاء، دونها الترمذي في سننه.
  • كتب النبي صلى الله عليه وسلم إلى عماله، ككتاب الزكاة والديات لأبي بكر، وكتابه لعمرو بن حزم عامله في اليمن وكتابه لوائل بن حجر في حضرموت حول أصول الإسلام وطرق الدعوة.
  • كتب النبي صلى الله عليه وسلم إلى الملوك والأمراء يدعوهم فيها إلى الإسلام.
  • العهود والمواثيق التي أمر بكتابتها رسول الله صلى الله عليه وسلم مع غير المسلمين كصلح الحديبية وصلح تبوك.
  • كل هذه الصحف والكتب وغيرها في الحديث تدل على كتابة جزء كبير من الحديث في عهده صلى الله عليه وسلم، وبأمره وإقراره، وبذلك تزول شبهة من يقول أن النبي نهى عن كتابة الحديث، وشبهة أن الحديث لم يكتب إلا بعد مائة عام من رسول الله صلى الله عليه وسلم.

التدوين الرسمي بأمر عمر بن عبد العزيز:

  • تعتبر هذه المرحلة مرحلة التدوين الرسمي للحديث، وكان ذلك في عهد التابعين وتابعيهم وكان ذلك على رأس المائة الأولى للهجرة.
  • أمر عمر بن عبد العزيز بتدوين الحديث بعد أن استشار العلماء واطمأن إلى تأييدهم، والدافع لأمر عمر بكتابة الحديث هو خوفه من دروس العلم وذهاب أهله مع انتشار الكذب واختلاق الأحاديث الموضوعة على رسول الله.
  • يقول عبد الله بن دينار: كتب عمر بن عبد العزيز إلى الآفاق: “انظروا حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم فاجمعوه واحفظوه، فإني أخاف دروس العلم وذهاب العلماء”.
  • كان والد عمر بن عبد العزيز، أمير المدينة عبد العزيز بن مروان، قد سبق لذلك فكتب إلى كثير بن مرة الحضرمي رحمه الله حين وكان أميرا على مصر، وكان كثير بن مرة أدرك سبعين بدريا من الصحابة، فقال له الأمير: “اكتب إلينا بما سمعت من الصحابة إلا حديث أبو هريرة فإنه عندنا”.
  • أرسل عمر بن عبد العزيز إلى قاضي المدينة أبي بكر بن حزم وعرض عليه تدوين السنة فوافق على الفور، فقام الوالي بتكليف الحافظ التابعي محمد بن شهاب الزهري الذي كان أول من جمع، فدون لعمر في ذلك كتابا، فغدا عمر يبعث إلى كل أرض دفترا من دفاتره، وحق للزهري أن يفخر بعلمه قائلا: “لم يدون هذا العلم أحد قبل تدويني”.
  • لم ينكر أحد من أهل العلم في عصر عمر بن عبد العزيزتدوين الحديث وجمعه في مصنفات، بل لاقى إجازة لذلك منهم لظهور الحاجة إلى كتابة العلم.

قد يهمك : مرحلة نشأة علم الحديث

التدوين العام للحديث وظهور مصنفات الحديث

  • تأخر التدوين العام للحديث حيث لم تكن الأحاديث مدونة في جوامع ومصنفات في عصر الصحابة وكبار التابعين، وذلك لسببين:
  • أنهم في بداية الأمر كانوا قد نهوا عن ذلك، وإن كان بعض الصحابة قد كتبوا الحديث كعبد الله بن عمرو بن العاص وعلي وغيرهم من أصحاب الصحف.
  • سعة الحفظ واعتمادهم عليه مع عدم معرفة الكثير منهم للكتابة.
  • أخذ تدوين الحديث أشكالا في تطوره: فكان أول من جمع كما يقول ابن حجر الربيع بن صبيح (ت160هـ)، وسعيد بن أبي عروبة (156هـ) وغيرهما، وكانوا يصنفون كل باب على حدة.
  • ثم كان التصنيف على الأحكام، فصنف مالك (ت 179هـ) كتابه ” الموطأ”، وانتقى القوي من حديث أهل الحجاز، وأضاف للحديث أقوال الصحابة وفتاوى التابعين ومن بعدهم.
  • ثم جاءت مصنفات ابن جريج بمكة (ت150هـ)، وسفيان الثوري بالكوفة (ت161هـ)، وحماد بن سلمة بالبصرة (ت176هـ)، والأوزاعي بالشام (ت156هـ). وغيرهم.
  • ظهر على رأس المائتين من أفرد أحاديث النبي صلى الله عليه وسلم في مصنفات سموها المسانيد، مثل مسند العبسي (ت213هـ)، ومسند أسد بن موسى (ت212هـ)، ومسند نعيم بن حماد، ثم ظهر مسند الأمام أحمد ومسند إسحاق بن راهويه، ومسند عثمان بن أبي شيبة وغيرهم.
  • ثم جاء من العلماء من جمع مصنفه على الأبواب والمسانيد، مثل مصنف أبي بكر بن أبي شيبة.
  • لما جاء البخاري (ت256هـ)، ورأى أن التصنيف قبله جمع بين الصحيح والحسن ومنه من شمل الضعيف أيضا، قرر أن يجمع الحديث الصحيح في مصنف جامع متأثرا بما سمعه من أستاذه الإمام إسحاق بن راهويه حيث قال لمن عنده والبخاري فيهم: “لو جمعتم كتابا مختصرا لصحيح سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم”، قال البخاري: فوقع ذلك في قلبي وأخذت في جمع الجامع الصحيح”.
  • جاء مسلم بن الحجاج النيسابوري (ت261هـ) فصنف صحيحه بعد البخاري بعد أن دقق كما فعل البخاري في الرواية والاختيار، فكان إليهما المنتهى في ذلك.
  • وجاء بعد البخاري ومسلم أبو داود سليمان بن الأشعث السجستاني (ت275 هـ)، وأبو عيسى محمد بن عيسى السامي الترمذي (ت 279ه)، وأبو عبد الرحمن أحمد بن شعيب النسائي (ت303هـ)، وأبو عبد الله محمد بن يزيد القزويني المعروف بأن ماجه (ت373هـ).
  • كتب هؤلاء الأعلام هي المعروفة في لسان أهل الحديث بالكتب الستة.
  • يقول السيوطي: “وهؤلاء المذكورون في أول من جمع كلهم من أثناء المائة الثانية”.
  • أصبح علم الحديث علما مستقلا له رجاله وأعلامه في أواخر القرن الثالث الهجري، وكان عمل المتأخرين في الرواية تهذيب وشرح واختصار للكتب الصحيحة المشهورة.

كيف تلقى الصحابة الحديث ؟

  • كان صحابة الرسول صلى الله عليه وسلم يعقدون المدارس الجماعية للحديث فيما بينهم
  • كان الصحابة يقسمون الليل الى ثلاث اقسام : قسم لحفظ الحديث وقسم لقيام الليل وقسم للنوم
  • كانوا يجلسون مع رسول الله صلى الله عليه وسلم لتلقى الحديث والسماع منه حتى لا يفقدون شيئا من حديثه

اول من دون الحديث تدوينا صحيح:

اول من قام بتدوين الحديث وجمعه في كتاب هو عمر بن عبد العزيز رضي الله عنه فدون السنة النبوية بعده عمر بن عبد العزيز بن شهاب الزهري ثم سلك باقي العلماء مسلكه ومنهم ابن اسحاق وابن جريج والامام مالك والثوري والاوزاعي وغيرهم ثم ظهر بعد ذلك صحيح مسلم و صحيح البخاري.

تصنيف الحديث

تم تصنيف الحديث في القرن الثالث الهجري وقد تم تصنيفه من حيث الصحيح والغير صحيح ومن حيث الاهمية فكان كالتالي:

  • تصنيف الجوامع : جامع مسلم و جامع الترمزي و جامع البخاري.
  • تصنيف السنن : سنن ابن ماجة و سنن النسائي و سنن ابي داوود.
  • تصنيف المصنفات : مصنف ابن ابي شيبة ومصنف عبد الرزاق.

أول كتاب وضع في تدوين الحديث

اول كتاب وضع في تدوين الحديث هو كتاب الصحيفة او يسمى كتاب الجامعة وقد دونه علي بن ابي طالب رضي الله عنه وارضاه ويعتبر مرجع للعديد من الائمة وكذلك لعلماء الحديث وذلك لان هذا الكتاب تم تدوينه في حياة الرسول صلى الله عليه وسلم وبعده تم تدوين كتب اخرى في الحديث ومنها كتاب حضرة سلمان الفارسي وكتاب ابو رافع بعنوان السنن والاحكام والقضايا.

هل يوجد فرق بين تدوين الحديث وكتابته ؟؟

بالطبع يوجد فرق بينهما فتدوين الحديث هو مرحلة ما بعد الكتابة اي يتم فيه جمع الاوراق التي تم كتابتها بالفعل جميعها في كتاب واحد حيث قيل في الديوان انه مجمع الصحف وجمعه : دياوين ودواوين

اما كتابة الحديث : فهي اول مرحلة يتم فيها الكتابة بخط معين فكتب هنا بمعني خط اي رسم الكلمات على الاوراق وليس جمعها في كتاب

الفرق بين تدوين الحديث وكتابته

أشهر الكتب التي جاءت في تدوين الحديث

نورد لكم هنا أشهر كتب تدوين الحديث كما يلي:

  • كتاب اطراف الصحيحين لابي مسعود الدمشقي
  • كتاب الفتن لنعيم بن حماد
  • مسند اسحاق بن راهوية والمسند هو الكتاب الذي يضم احاديث رسول الله صلى الله عليه وسلم بحسب ما جمع من حديث كل صحابي
  • المعجم الصغير للطبراني والمعجم هو كتاب ترتب فيه الاحاديث على مسانيد الصحابة او الشيوخ ويكون الترتيب للاسماء وفق حروف المعجم
  • المعجم الاوسط والكبير
  • موطأ مالك
  • موطأ ابن ابي ذئب
  • كتاب المنهاج في شرح صحيح مسلم للنووي
  • سنن الدار قطني
  • سنن البيهقي
  • الستدرك على الصحيحين للحاكم النيسابوري
  • مصباح الزجاجة في زوائد ابن ماجة للبوصيري
  • مصنف ابن ابي شيبة
  • سنن النسائي والترمزي وابن ماجة
  • مستخرج ابي عوانة على صحيح مسلم وهو الكتاب الذي يقوم مؤلفه باستخراج احاديث بأسانيد تختلف عن اسانيد مؤلف الكتاب
  • مستخرج ابي نعيم على صحيح مسلم
  • صحيح ابن حبان
  • صحيح ابن خزيمة
  • جامع صحيح البخاري وصحيح مسلم والجامع هو كتاب يجمع ابواب الفقه والفضائل والتفسير ويشمل الاحاديث المرفوعة
  • فتح الباري لابن حجر العسقلاني
  • مجمع الزوائد ومنبع الفوائد لعلي بن ابي بكر الهيثمي والزوائد هي الاحاديث الزائدة التي تجمع في كتب اخرى
  • مسند البزار ومسند احمد
  • كتاب مجابو الدعوة لابن ابي الدنيا

قد يهمك: أسباب الوضع في الحديث

You might also like