برزت جهود العلماء في علم الحديث وخصوصاً في مقاومة الأحاديث الموضوعة ويبدو واضحاً ذلك من خلال الكتب التي تتلخص فيها جهود العلماء في الدفاع عن الكتاب والسنة.

وعند ظهور الوضع هيأ الله لحفظ السنة والحديث علماء ميزوا بين صحيحها وضعيفها ومكذوبها.

أبرز جهود العلماء في الأحاديث

ومن جهود العلماء الذين فرقوا بين الأحاديث وجمعوها وصنفوها نذكر بعض النقاط كما يلي:

المبادرة بجمع الأحاديث وتدوينها تدوينا عاما في وقت مبكر بأمر من عمر بن عبد العزيز لأبي بكر بن محمد بن عمرو بن حزم ولمحمد بن شهاب الزهري، وكان ذلك على رأس المائة الأولى.
لم يكد ينتهي القرن الثالث حتى كانت الأحاديث مجموعة في كتب الحديث المعتمدة مثل موطأ الإمام مالك؛ ومسند الإمام أحمد وصحيح البخاري، وصحيح مسلم، وسنن أبي داود، والترمذي والنسائي، وابن ماجه.
علم الجرح والتعديل لمعرفة حال الرواة وقبول الرواية عنهم، فميزوا بين الضعيف والثقة والكذاب، وألفوا في ذلك مصنفات.
العناية بنقد المتون عناية متبصرة، ووضعوا لنقد الأسانيد والمتون قواعد، وهي أرقى وأدق ما عرف الناقدون في القديم، والحديث، فميزوا المقبول والمعلول والمردود من الأحاديث.
إفراد الأحاديث الموضوعة في مصنفات خاصة ونقدها سندا ومتنا.

أهم كتب الأحاديث الموضوعة

صنف العلماء كتبا في الأحاديث الموضوعة وهي على نوعين نذكرهما كما يلي:

كتب خاصة بالموضوعات

وهي كثيرة منها ما نذكره كما يلي:

1- كتاب الأباطيل للجوزقاني، للحافظ الحسن بن إبراهيم وهو كتاب صغير على تساهل فيه.
2- الموضوعات لابن الجوزي، وقد أخذ عليه المحدثون تساهله في إيراد ما لا يستحق أن يكون موضوعا إذ ذكر حديثا موضوعا في صحيح مسلم.
3- اللآلئ المصنوعة في الأحاديث الموضوعة للسيوطي
4- الدر الملتقط في تبيين الغلط، للعلامة رضي الدين أبي الفضل حسن بن محمد الصغاني.
5- تنزيه الشريعة المرفوعة عن الأحاديث الموضوعة للعلامة علي بن محمد بن عراق.
6- تذكرة الموضوعات، للحافظ أبي الفضل محمد بن طاهر المقدسي، وفيه ما ليس بموضوع.
7- الفوائد المجموعة في الأحاديث الموضوعة، للعلامة محمد بن علي الشوكاني.

كتب غير خاصة بالموضوعات

وهي قسمان وهما كما يلي:

كتب الأحاديث المشهورة

المقاصد الحسنة في الأحاديث المشتهرة، للسخاوي، ميز فيه بين الأحاديث المشتهرة على الألسنة وقد نص فيه على كثير من الأحاديث الموضوعة وما لا أصل له وهو مطبوع.
تمييز الطيب من الخبيث، اختصره مؤلفه ابن الديبع الشيباني من “المقاصد الحسنة”
اللآلئ المنتثرة في الأحاديث المشتهرة، للسيوطي.
كشف الخفاء ومزيل الإلباس، للمحدث إسماعيل بن محمد العجلوني، جمع فيه خلاصة الكتب التي تقدمته.

كتب التخاريج

وهي كتب قصد بها بيان درجة الأحاديث وبيان مخرجيها وفيها التنصيص على الموضوع وما لا أصل له منها.

نصب الراية في تخريج أحاديث الهداية، حافظ جمال الدين عبد الله بن يوسف الزيلعي.
التلخيص الحبير في تخريج أحاديث شرح الرافعي الكبير للحافظ أحمد بن علي بن حجر العسقلاني.
المغني عن حمل الأسفار في الأسفار، للحافظ عبد الرحيم بن الحسين العراقي خرج فيه أحاديث كتاب إحياء علوم الدين للغزالي.
تخريج الأحاديث والآثار الواقعة في تفسير الكشاف للزمخشري ومؤلفه الحافظ الزيلعي.

أشهر الوضاعين للحديث

الوضاعون أصناف، فمنهم الزنادقة ومنهم أصحاب الأهواء، ومنهم القاصون ومنهم المتصوفة، وغيرهم، ونذكر من اشتهر من الوضاعين:

1- أبان بن جعفر النميري: قال ابن حبان: وضع على أبي حنيفة أكثر من ثلاثمائة حديث.
2 أحمد بن الصلت الحماني: قال ابن عدي: ما رأيت في الكذابين أقل حياء منه.
3- أحمد بن عبد الله الجويباري: وضع أحاديث تشهد للكرامية.
4- عبد الرحمن بن زيد بن أسلم: وضع أحاديث ورواها عن أبيه.
5- عبد القدوس بن حبيب عن عكرمة: قال ابن حبان: يضع الحديث على الثقات.
6- محمد بن الحجاج اللخمي: وهو واضع حديث: “الهريسة تشد الظهر”.
7- محمد بن شجاع الثلجي: كان يضع الأحاديث في التشبيه وينسبها إلى أهل الحديث يثلبهم بها.
8- نوح بن أبي مريم: كان جامعا لكل شيء إلا الصدق وهو واضع حديث فضائل السور.
9- وهب بن وهب القاضي: وهو الذي وضع للرشيد حديث: إن النبي كان يطير الحمام.
10- رتن الهندي: كذاب دجال ظهر بعد الستمائة ببلاد الهند وادعى السماع من النبي -صلى الله عليه وسلم.

عدد الأحاديث الموضوعة

رغم جهود العلماء في علم الحديث ولكن لم تحصر الأحاديث الموضوعة لكثرتها وكثرة القائلين بها، ومعلوم أن رجلا واحدا ألف حديث،

وذكر الذهبي في “طبقات الحفاظ” أن الرشيد أخذ زنديقا ليقتله فقال: أين أنت من ألف حديث وضعتها؟ فقال: أين أنت يا عدو الله من أبي إسحاق الفزاري وابن المبارك ينخلانها فيخرجانها حرفا حرفا.

أحاديث موضوعة مضحكة

من صفات الأحاديث المكذوبة هزالة لفظها وموضوعها، ومن أمثلة هذه الأحاديث ما نذكره كما يلي:

من حدث حديثاً، فعطس عنده، فهو حق.
إن الله إذا غضب أنزل الوحي بالعربية، وإذا رضي أنزل الوحي بالفارسية.
الباذنجان شفاء من كل داء.
الهريسة تشد الظهر.
النظر إلى الوجه الجميل عبادة.
كل جوف يدخل الدخان فيه من أوراق السموم يخرج من الإيمان، أو قولهم: كل دخان حرام.

أحاديث موضوعة مشهورة بين الناس

أصحابي كالنجوم بأيهم اقتديتم اهتديتم. قال ابن حزم: خبر مكذوب موضوع باطل.
اختلاف أمتي رحمة.
الخير فيَّ وفي أمتي إلى يوم القيامة، قال ابن حجر: لا أعرفه.
من حج البيت ولم يزرني فقد جفاني.
لولاك ما خلقت الدنيا.
النظر في المصحف عبادة، ونظر الولد إلى الوالدين عبادة، والنظر إلى علي بن أبي طالب عبادة.
الأقربون أولى بالمعروف.
شاوروهن وخالفوهن. يقصد به النساء.
اطلبوا العلم ولو بالصين.
خير الأسماء ما عبِّد وما حمِّد.
حب الدنيا رأس كل خطيئة.
إن عبد الرحمن بن عوف يدخل الجنة حبواً.
رجعنا من الجهاد الأصغر إلى الأكبر.
إن سفينة نوح طافت بالبيت سبعا وصلت عند المقام ركعتين.
من لم تنهه صلاته عن الفحشاء والمنكر فلا صلاة له.

أحاديث قدسية موضوعة

تعريف الحديث القدسي: هو الحديث الذي يرويه لنا رسول الله صلى الله عليه وسلم عن ربه تبارك وتعالى مسند ًا ذلك إليه بقوله قال الله تعالى أو يقول الله تعالى أو أوحى ّإلي بكذا:

كم عدد الأحاديث القدسية؟

يقول ابن حجر الهيثم: “إن مجموع الأحاديث القدسية المروية يتجاوز المائة.

وجمعها بعضهم في جزء كبير وزاد فيها وذلك بضمه لها أحاديث نبوية تضمنت جملة من كلام الله مثل حديث الإسراء والمعراج وحديث الشفاعة وغيرها، حتى اوصلها بعضهم إلى أربعمائة حديث مع المكرر وإيراد جميع الطرق، ولا يتجاوز عددها الحقيقي مائة وثلاثين حديثا.

من الأحاديث القدسية الموضوعة

يؤتى بعصابة من امتي يوم القيامة وهم القراء، فيقال لهم: من كنتم تعبدون؟ قـالوا: إياك ربنا، قـال: فمن كنتم تسألون؟ قالوا: إياك ربنا، قـال فما كنتم تستغفرون؟ قالوا: إياك ربنا. فيقول: عبدتموني بالكلام، واستغفرتموني بالألسن، وأصررتم بالقلوب، فينظمون في سلسلة ثم يطاف بهم على رؤوس الخلائق فيقال: هؤلاء كانوا قراء امة محمد.

سألت جبريل عن علم الباطن، فقال: سألت الله عز وجل عن علم الباطن، فقال: هو سر بيني وبين أحبابي وأوليائي، أودعته قلوبهم، لا يطلع عليه ملك مقرب ولا نبي مرسل.

ما وسعني سمائي ولا أرضي ولكن وسعني قلب عبدي المؤمن.

الأحاديث الموضوعة في الصحيحين

اتفق أهل العلم على أن الصحيحين هما أصح ما كتب بعد كتاب الله تعالى، ولهما من المنزلة والقبول في قلوب المسلمين ما هو معلوم، قال أبو عمرو بن الصلاح: “وكتاباهما أصح الكتب بعد كتاب الله العزيز “.

وكل ما اتفقا على تخريجه لا يمكن أن يكون ضعيفا، إنما ذكر بعض العلماء ضعف بعض الأحاديث القليلة في الصحيحين، وقولهم هذا اجتهاد.

يقول ابن تيمية: “جمهور ما أنكر على البخاري مما صححه يكون قوله فيه راجحا على قول من نازعه، بخلاف مسلم بن الحجاج، فإنه نوزع في عدة أحاديث مما خرجها، وكان الصواب فيها مع من نازعه”.

لكن هل يوجد أحاديث موضوعة في الصحيحين؟

هذا ما لم يقل به أحد من المحدثين من أهل العلم.

بعد قراءة موضوع عن جهود العلماء في علم الحديث وحفظه من الوضع نقترح عليكم الموضوع التالي:

ما هي أسباب الوضع في الأحاديث النبوية؟