زبيدة زوجة هارون الرشيد

زبيدة زوجة هارون الرشيد كانت ممن خلد التاريخ ذكراهم، فالتاريخ لا يخلد لنا من عاشوا ويعيشون على هامش الحياة هو يخلد ذوي العلم والفضل والجود رجالا كانوا أم نساء

وإن تحدث التاريخ عن سيدة تركت لنا بصمة هذه الحياة فلابد من ذكر زبيدة بنت جعفر زوجة هارون الرشيد .

اسم ونسب زبيدة زوجة هارون الرشيد

هي زبيدة بنت جعفر بن المنصور فهي مثل أبيها عباسية هاشمية قرشية ولدت سنة  145 للهجرة

جدها أبو جعفر المنصور وكان يحبها كثيرا وهو من أسماها زبيدة لشدة بياضها وجمالها.

ويقال أن اسمها أمة العزيز وكان جدها المنصور يراقصها في طفولتها ويناديها زبيدة لشدة بياضها وبقي معها اسمها طيلة حياتها

وكانت زبيدة امرأة بارعة في الجمال والحديث ذات عقل ورأي تنظم الشعر وتناظر الرجال به

أحبها الرشيد حبا شديدا ومنجها مكانة ونفوذا فهي السيدة الأولى من بين نسائه وكانت تشير على زوجها في كثير

من الأحداث بل وكانت تمسك بيدها زمام الأمور في غياب زوجها وقد خلفت وراءها آثارا كثيرة لاتزال تحمل

اسمها حتى اليوم .

زبية زوجة هارون الرشيد قريبة لتسعة من الخلفاء

لم تكن زبيدة فقط زوجة لهارون الرشيد بل كانت كما يلي:

  • ابنها محمد الأمين  وزوج هارون الرشيد. 
  • عمها المهدي و جدها المنصور.
  • عم أبيها أبو العباس السفاح وابن عمها الهادي.

مكانة زبيدة زوجة هارون الرشيد وفضلها

لم تكن زبيدة كغيرها من النساء في وقتها فهي قبل أن تكون زوجة هارون الرشيد كانت صاحبة مكانة مرموقة نوضحها لكم كما في النقاط التالية:

  • كانت من عشيرة عز ونسب عظيم تربت في القصور منذ ولادتها لم تمن امرأة تحلم بنصف ما تملكه زبيدة من المجد والمكانة الرفيعة بين قومها

فكانت مثالا في ( الفضل والعلم والتقوى  والثقافة والأدب والشعر والأهم من كل هذا علوم القرآن والسنة )

  • قال عنها الإمام الذهبي :  كانت عظيمة الجاه والمال ولها آثار حميدة على طريق الحج وفي قصرها مائة جارية يحفظن كتاب الله الكريم .
  • كانت معروفة بالخير والفضل على أهل العلم وصاحبة بر على الفقراء والمساكين .
  • وقال الشاعر :

بلغت من المفاخر كل فخر          وجاوزت الكلاما فلا كلاما

          تقى وسماحة وخلوص ومجد        إذا الأنساب أخلصت الكراما

اهتمامات زبيدة زوجة هارون الرشيد وأعمالها

أكثر ما عرف عن زوجة هارون الرشيد زبيدة هو اهتمامها بالعلم والأدب وكانت تسعى إلى أن تجعل بغداد قبلة للعلماء

كان في بغداد الكثير من الشعراء والأدباء وكانت تتوفر لهم كل وسائل البحث

وممن اشتهر في زمانها   في الشعر     العباس بن الأحنف   أبو نواس   أبو العتاهية   الراوية خلف الأحمر  والجاحظ 

                             علم اللغة      الخليل بن أحمد     سيبويه  

                             علماء الدين   الإمام أبو حنيفة      الإمام أنس بن مالك

                             الطب          الطبيب جبريل    وقد أحاطته برعايتها ومنحته راتبا شهريا  خمسين ألف درهم .

وكانت شريكة لزوجها الرشيد ودائما ما تبرز له الرأي الصحيح وكسبت احترام وثقة الحاشية

وكانت رفيقة دائمة لزوجها سواء كان في الغزو أو الدفاع عن حدود الدولة أو في الحج

كانت زبيدة تستشير العلماء والأدباء وأواهم الأصمعي وتستمع لنقاش الفقهاء والعلماء من خلف الستار

كانت تحب الشعر بل وتنظمه وشعرها من الكلام اللطيف تعرف ما وراء المعاني ومواقع العبارات

وأكثر ما كانت تهتم به هو القرآن الكريم كانت تقرأه صباحا ومساء وأحضرت مائة جارية وتمكنت من تحفيظهن القرآن

حتى قيل أنهن عندما يقرأن القرآن يتحول القصر وكأنه  خلية للنحل .

الحج غير حياة زبيدة

  • زبيدة وحاجات الناس في الحج

خرجت زبيدة مع زوجها الرشيد إلى الحج والذي كان يحج عاما ويغزو عاما ولكنه يعرف صعوبة الحج على امرأة مثل زوجته زبيدة ولكنها رأت ما يعانيه الناس وخاصة الحصول على الماء عندما ينامون خارج الحرم وقررت أن تجد حلا لهذه المشكلة .

  • قصة عين زبيدة

جمعت زبيدة زوجة هارون الرشيد الخبراء والمهندسين وبدا لهم الأمر صعبا جدا فالماء موجود تحت الصخور على مسافة عشرة أميال  وقال لها وكيلها : سوف يكلف المشروع نفقة كبيرة

لم تفكر وقالت له :  اعمل ولو كلفت ضربة الفأس ديناراً.

ووصلوا إلى منابع المياه بين الصخور ومهدت الطرق حتى وصل الماء إلى مكة ورأت الخير بعينها وسمعت الناس وهم يدعون لها وأعطت كل من عمل حقه وبغير حساب  وإلى يومنا هذا يعرف هذا الماء ب (  عين زبيدة ).

عاشت حياتها كلها بالترف وعندما رأت هموم المسلمين وهبت كل ما تملك من أجل مساعدتهم لم تخلدها جواهرها وأموالها بل خلدتها أعمالها وخدماتها للمسلمين .

زبيدة والمأمون

جاء المأمون إلى زبيدة معزيا بعلي وقال لها :    يا ستاه لا تيأسي عليا فإني عوضه لك .

فقالت :  كيف لا آسف عليه كيف لا آسف على ولد خلف أخا مثلك .

فبكت وبكى المأمون

ولما خرجت قال المأمون :

ما ظننت أن نساءً جبلن على مثل هذا الصبر .

زبيدة ترثي ابنها الأمين

قُتل الأمين وتفجر قلب زبيدة بينابيع من الحزن والأسى في قلبها   وقالت ترثيه :

أودي بألفين من لم يترك الناسا       فامنح فؤادك عن مقتولك الياسا

لما رأيت المنايا قد قصدن له          أصبن منه سواد القلب والراسا

فبت متكئاً أرعى النجوم له             أخال سنته بالليل قرطاسا

والموت كان به والهم قارنه           حتى سقاه التي أودى بها الكاسا

فليس من مات مردوداً لنا أبداً        حتى يرد علينا قلبه ناسا

وفاة زبيدة

عاشت السيدة زبيدة زوجة هارون الرشيد 32 عاما بعد وفاة زوجها هارون الرشيد وتوفيت في عام 831 م 

وظلت باقية حية في أذهان الناس يتناقلون أفعالها في كل الجزيرة العربية وخلدتها أعمالها بعد موتها .

ومما قيل فيها :

ولو كان النساء كمن فقدنا         لفضلت النساء على الرجال

وأفجع من فقدنا من وجدنا         قبيل الفقد مفقود المثال.

قد يهمك المقال التالي: حقيقة السلطان عبد الحميد الثاني.

 

You might also like