شبهات حول تدوين الحديث

ما هي شبهات تدوين الأحاديث؟

معنى شبهات حول السنة


يثير أعداء الإسلام شبهات حول تدوين الحديث طعناً في الدين وزعزعة لإيمان المسلمين وقناعتهم بدينهم ومصادره، ومن ذلك الطعن في سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم وحديثه، ونورد هنا أهم هذه الشبهات والرد عليها.

ولا شك أن هؤلاء الذين يثيرون الشبهات أصناف وطوائف، وأن لهم دوافع وأسباب تحملهم على الطعن والتشكيك بالحديث والسنة، سنأتي لذكرها أيضا

شبهات حول تدوين السنة النبوية

نذكر لكم هنا في مقالنا أكثر الشبهات انتشاراً عن تدوين الحديث وقد وردت هذه الشبهات عن البعض وتم تناقلها لا بل اعتمادها من قبل الكثيرين.

وهناك العديد من الشبهات لكن سنذكر أبرزها كما نورد لكم أيضاً الرد على هذه الشبهات بما يناقض ما ورد فيها.

ونضمّن الشبهات المثارة حول تدوين السنة النبوية ودحضها.

 

شبهة (1): أن النبي نهى عن كتابة السنة

فيعتبرون هذا دليل على أن السنة ليست حجة ولو كانت كذلك لاعتنى بها رسول الله وأمر بكتابتها واعتنى الصحابة بجمعها وتدوينها.

ويعتمد هؤلاء على أن النبي صلى الله عليه وسلم أمر بكتابة القرآن ونهى عن كتابة السنة مستدلين

وبحديث: (لا تكتبوا عني، ومن كتب عني غير القرآن فليمحه).

وحديث زيد بن ثابت عندما دخل على معاوية، فسأله عن حديث، فأمر معاوية رجلا أن يكتبه.

فقال زيد: (إن رسول الله صلى اله عليه وسلم أمرنا ألا نكتب شيئا من حديثه).

الرد على هذه الشبهة

إن الظرف الذي نهى به النبي عن تدوين الحديث تقتضيه مصلحة الاهتمام بالقرآن وتظافر الجهود لكتابته وخاصة مع قلة كتاب الوحي وحتى لا يختلط الحديث بالقرآن.

النهي الوارد عن كتابة الحديث هو تدوينه رسميا مثل القرآن، أما أن يكتب كل صحابي لنفسه من الحديث.

فلا مانع وقد حدث ذلك لعدد من الصحابة كتبوا صحفا بلغ بعضها ألف حديث كصحيفة عبد الله بن عمرو بن العاص.

إن الحجية ليست مقصورة على الكتابة بل تثبت بأشياء كثيرة منها الحفظ في الصدور والنقل بالتواتر ومنها الكتابة.

وهذا في القرآن كذلك، إذ حفظ في الصدور ثم اعتنى به الصحابة كتابة ثم جمعا ونسخا، وخاصة مع ما تميز به العرب من قوة الحافظة والذاكرة، ومما يدل على ذلك:

أن رسول الله كان يرسل الصحابة إلى القبائل المختلفة ليدعوهم إلى الإسلام ولم يكن يرسل معهم شيئا مكتوبا لإقامة الحجية على الأحكام التي سيبلغها للناس.

كثير من الأحكام تتوقف معرفتها على الحديث والسنة، مثل الصلاة، ومع ضرورتها لم يأمر رسول الله أمر إلزام أن تكتب عنه كاملة.

الحفظ أقوى من الكتابة وأكثر فائدة وأجدى نفعا، فمن يحفظ لا يحفظ إلا مع إدراك المعنى والفهم للنص، بخلاف الكتابة فقد يكتب الإنسان دون أن يفهم ما كتب.

إن عناية الرسول بالأمر بكتابة القرآن وحده، لتعلق ذلك بالحاجة للترتيب في الآيات وهذا أمر توقيفي، مع نزول القرآن مفرقا.

 أقوال العلماء في سبب النهي عن كتابة السنة

ما هي أسباب ميل العلماء إلى النهي عن كتابة السنة وما هي دوافع ذلك، هذا ما سنذكره لكم كما يلي:

  • خشية اختلاط السنة بالقرآن، ولذا لما اطمأن النبي صلى الله عليه وسلم إلى تميز القرآن تمام التمييز عن السنة أذن بكتابتها.
  • الخوف من الاتكال على الكتابة وإهمال الحفظ مع أنه هو الأساس في النقل، لذا كان النهي عن الكتابة لمن كان حفظه قويا.
  • صرف الجهود لحفظ القرآن، فقصر الكتابة على القرآن كان سببه قلة الكاتبين.
  • أن النهي كان لمن كان ضعيف الكتابة، فيخشى أن يقعوا في الغلط، وأجاز لمن كان قوي الكتابة.
  • ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه أذن بكتابة الحديث لبعض الصحابة.

ومن ذلك:

1. حديث عبد الله بن عمرو قال: “قلت يا رسول الله أقيد العلم؟” قال: (قيدوا العلم).
2. حديث عبد الله بن عمرو قال: “كنت أكتب كل شيء أسمعه من رسول الله صلى الله عليه وسلم اريد حفظه، فنهتني قريش، فقالوا: كيف تكتب كل شيء تسمعه من رسول الله صلى الله عليه وسلم، ورسول الله بشر يتكلم في الغضب والرضا، فأمسكت عن الكتاب، فذكرت ذلك لرسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال: (أكتب فوالذي نفسي بيده ما خرج مني إلا حق).

ويمكن أن يكون النهي عن الكتابة أول الأمر حين خشي عن الاشتغال بالسنة عن القرآن.

ولما رأى أن السنن تضيع دون كتابة لكثرتها، أمر أن تكتب وتقيد، أو أن النهي عام والإذن بالكتابة خاص.

شبهة: كراهة الصحابة للتدوين

وهي من شبهة تدوين السنة والرد عليها سنذكره في فقرتنا هذه كما يلي:

قالوا إن الصحابة قد أثر عنهم النهي عن التحديث أو أنهم أقلوا الرواية في الحديث، ورووا أحداثا تؤيد ذلك منها:

أن عمر دعا أن يأتوه بأحاديث فأمر بإحراقها ثم قال: ” مثناة كمثناة أهل الكتاب”.

قالت عائشة: جمع أبي الحديث عن رسول الله صلّى الله عليه وسلّم، فكانت خمسمائة حديث، فبات ليلة يتقلّب كثيراً، قالت: فغمّني، فقلت: تتقلّب لشكوى أو لشيء بلغك؟ فلمّا أصبح، قال: أي بنيّة هلمّي الأحاديث التي عندك، فجئته بها، فدعا بنار فأحرقها، وقال: خشيت أن أموت وهي عندك، فيكون فيها أحاديث عن رجل ائتمنته ووثقت به، ولم يكن كما حدّثني، فأكون قد تقلّدت ذلك.

الرد على شبهة إحراق الصحابة للقرآن ونهيهم عن التحديث

لو صحت هذه الأحاديث لكانت دليلا قويا على أن الحديث كتب زمن النبي صلى الله عليه وسلم وكانت ردا على شبهة أن الحديث لم يكتب إلا متأخرا عن زمن النبي صلى الله عليه وسلم.

هذه الأحاديث لم تصح، فأبو رية الذي أوردها للاستدلال على شبهته، أحالها على التذكرة للحافظ الذهبي وجمع الجوامع للسيوطي، ولم يذكر طعنهما فيه، فالذهبي قال عنها: “فهذا لا يصح”.

وقال ابن كثير: ” هذا غريب من هذا الوجه جدا، وعلي بن صالح أحد رجال سنده لا يعرف”.

نعم كان الصحابة يحتاطون في الدين ويخشون الوقوع في الخطأ في الحديث عن رسول الله ويدعون للتثبت في الرواية.

لكن الأخبار عن كتابة الصحابة والتابعين للحديث وروايته بينهم متواترة لا مجال لإنكارها أو التشكيك بها.

أراد عمر أن يجمع الأحاديث ويقيدها واستشار الصحابة في ذلك فاشتروا عليه بكتابتها فعزم على ذلك.

قال عمر: “إني كنت أردت أن أكتب السنن وإني ذكرت قوما كانوا قبلكم كتبوا كتبا فأكبوا عليها وتركوا كتاب الله وإني لا ألبس كتاب الله بشيء أبدا.

لم يكن الخلفاء الراشدون ولا الصحابة يدعون للتقليل من الرواية أو الاكتفاء بالقرآن عن السنة، والأخبار في سماع الصحابة وسؤالهم عن حديث رسول الله وما قاله في مسائل فقهية ثابت وكثير، وعمر كان يلجا في أقضيته إلى السنن والأحاديث ما لم يجد في القرآن.

ما روي من حبس عمر بعض الصحابة منهم عبد الله بن مسعود وأبو ذر وأبو الدرداء بسبب روايتهم للحديث فهي روايات مكذوبة.

شبهة تأخر تدوين الحديث إلى عصر البخاري

يثير الكثير من الطاعنين على السنة والإسلام فكرة أن الحديث لم يكتب إلا بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم بمائتي عام.

وهذا دليل على أن السنة قد ضاعت وأن ما كتب هو مشكوك بنسبته لرسول الله، وهو ليس محل ثقة.

اعتمدوا في ذلك على أن المصنفات الحديثية الكبرى إنما بدأت من عصر مالك ثم البخاري وأقرانه.

الرد على شبهة تأخر تدوين الحديث عن حياة النبي صلى الله عليه وسلم

تدوين السنّة النبوية بدأ في زمن النبي صلى الله عليه وسلم حيث أذن بكتابة الحديث فكتبت عدد من الصحف منها صحيفة عبد الله بن عمرو بن العاص، وصحيفة جابر بن عبد الله وصحيفة عب، وسعد بن عبادة ووثيقة المدينة وغيرها التي كانت تحتوي عدد كبير من أحاديث النبي صلى الله عليه وسلم.

وظلت رواية الحديث بين الصحابة ومن بعدهم التابعين متواصلة ينقل اللاحق عن السابق بالرواية الشفهية المؤيدة بكتابها في الكتُب حتى القرن الثالث حيث عصر البخاري ومسلم والترمذي وأبي داود وأقرانهم.

ولإن مادة هذه المصنفات التي كتبها البخاري ومسلم ومن بعدهم متضمنة ما من صحف وأجزاء حديثية ومصنّفات متقدّمة عليهم.

ولكنهم لم يكتفوا بحفظ هذه النسخ ولم ينقلوها كتابة فقط، بل كان الاعتماد على الحفظ والرواية الشفهية، بينما الكتابة مواكبة لها للمزيد من التدقيق والحفظ.

الدافع لإثارة الشبهات حول السنة

ظهر مثيري الشبهات ممن ينتسبون للإسلام وممن لا ينتسبون إلى الإسلام يثيرون الشبهات حول السنة بدوافع.

ومن بين دوافع شبهات حول تدوين الحديث ما نذكره كما يلي:

  • هدم الركن الثاني من أصول وأركان الدين، وهي السنة النبوية المبينة لكثير من تفصيلات الدين، والمقصد ليس السنة إنما هدم الدين من خلال التشكيك بالسنة كونهم لا يستطيعون النيل من القرآن.
  • إضعاف ثقة المسلمين بمصادر التشريع عندهم، فيضعف أخذهم بأحكامه.
  • النيل من جهود هذه الأمة في حفظ دينها وكتابها وسنتها، والطعن في منهج أهل الحديث الذين بينوا ضعف منهج غير المسلمين في نقل أخبارهم وتعاليم دينهم.
  • العداء الشديد للإسلام، والحقد على المسلمين وحضارتهم بدوافع دينية.

أسباب تأثر بعض المسلمين بهذه الشبهات وتبنيها

  • ضعف الثقافة الإسلامية والجهل بأدنى معلومات علم الحديث وجهود علماء المسلمين ومنهجيتهم فيه.
  • الانبهار بالثقافة الغربية وتفضيلها على ثقافة المجتمع المسلم.
  • ضعف الوازع الديني والرغبة في التفلت من أحكام الدين.
  • عدم وجود دولة إسلامية قوية تمثل الإسلام وتحميه من هجمات أعدائه الفكرية والاقتصادية والعسكرية.

من يثير الشبهات حول السنة والحديث

هم طوائف من المسلمين ومن غيرهم، وهؤلاء هم كما يلي:

منكري السنة

من المسلمين الذين ظهروا بعد فتنة مقتل عثمان، مما نذكره كما يلي:

  • الشيعة الذين أساءوا للصحابة الذين حملوا العلم قرآنا وسنة وطعنوا فيههم وفيما نقلوه عن رسول الله.
  • الخوارج الذين كفروا حتى علي بن أبي طالب.
  • المعتزلة فمنهم الذي يشك بعدالة الصحابة أو يوقن بفسقهم كعمرو بن عبيد، أو من يتهمهم بالكذب كالنظام.

المستشرقون

الذين حملهم الحقد على الإسلام للتشكيك به وضرب مصادره وأهمها السنة.

لذلك حصل هناك العديد من شبهات المستشرقين حول تدوين السنة، وكانت بالأخص شبهات حول تدوين الحديث.

من أبناء المسلمين

ممن انخدع ببحوث المستشرقين فظن أنها بحوثا علمية دقيقة، أو ممن تتلمذ عل أيدي المستشرقين.

وهذا ككثير من كتاب مسلمين تبنوا أفكار وشبهات الغرب وصاروا يطعنون بها دينهم.


بعد قراءة معلومات عن شبهات حول تدوين الحديث قد يهمكم الموضوع التالي:

You might also like