مرحلة الدعوة الجهرية

مقدمة حول مرحلة الدعوة الجهرية

دخل الناس في الإسلام أرسالا من النساء والرجال حتى فشا ذكر الإسلام بمكة وتحدّث الناس به، فأمر الله رسوله أن يصدع بما جاءه من الحق، وأن يبادي الناس بأمره وأن يدعو إليه، ثم قال الله له: {فاصدع بما تؤمر وأعرض عن المشركين}، وفي هذا المقال نتعرف على ماهي مراحل الدعوة في عهد الرسول÷ ومميزات الدعوة الجهرية وأهم مراحلها وأحداثها.

مرحلة الدعوة الجهرية في مكة

في أي سنة بدأت الدعوة الجهرية

من أسباب الدعوة الجهرية أن الله أمر نبيه بالجهر فبدأ رسول الله صلّى الله عليه وسلم بتنفيذ أمر ربه. بعد ثلاث سنوات من بدء الدعوة، فاستجاب لقوله تعالى: {فاصدع بما تؤمر وأعرض عن المشركين} بأن صعد على الصفا فجعل ينادي: (يا بني فهر، يا بني عدي)، حتى اجتمعوا، فجعل الذي لم يستطع أن يخرج يرسل رسولا لينظر: ما هو؟ فقال النبي صلّى الله عليه وسلم: أرأيتم لو أخبرتكم أن خيلا بالوادي تريد أن تغير عليكم أكنتم مصدقي؟ قالوا: ما جربنا عليك كذبا. قال: فإني نذير لكم بين يدي عذاب شديد. فقال أبو لهب: تبا لك سائر اليوم ألهذا جمعتنا؟، فنزل قوله تعالى: {تبت يدا أبي لهب وتب}.

معنى الدعوة الجهرية

نزل على الرسول الأمر بالجهر فاستجاب لقوله تعالى: {وأنذر عشيرتك الأقربين} بأن جمع من حوله جميع ذويه وأهل قرابته وعشيرته، فقال: يا بني كعب بن لؤي أنقذوا أنفسكم من النار، يا بني مرة بن كعب: (أنقذوا أنفسكم من النار، يا بني عبد شمس: أنقذوا أنفسكم من النار، يا بني عبد مناف: أنقذوا أنفسكم من النار، يا بني عبد المطلب: أنقذوا أنفسكم من النار، يا فاطمة أنقذي نفسك من النار وبذلك بدأت مرحلة الدعوة الجهرية .

مكان الدعوة الجهرية

كان مرحلة الدعوة الجهرية في مكة وامدة الدعوة السرية والجهرية استمرت ثلاث عشرة سنة، وكانت ردة الفعل من قريش أمام جهر النبي بالدعوة، أن أعرضوا عنه وتنكروا لدعوته معتذرين بأنهم

لن يتركوا الدين الذي ورثوه عن آبائهم.

ما خصوصية الأهل والعشيرة في الدعوة؟

إن في ذلك إلماح إلى درجات المسؤولية التي تتعلق بكل مسلم عموما وأصحاب الدعوة خصوصا، فأولى

 درجات المسؤولية هي المسؤولية عن النفس، ثم الأهل وتوجيههم للخير بوصفه رب أسرة وذا آصرة قربى،

ثم مسؤولية العالم عن حيه وبلدته ومسؤولية الحاكم عن بلده وقومه.

إيذاء قريش لرسول الله والمسلمين في مرحلة الدعوة الجهرية في مكة

وهنا نلخص لكم مظاهر وكيفية إيذاء قريش لرسول الله والمسلمين في مرحلة الدعوة الجهرية في مكة

كما يلي:

  • اشتدت قريش في معاداتها للإسلام وأتباعه لما رأت هذا الدين ينتشر بين أبنائها، فاشتدت بالأذى على

رسول الله وأصحابه، ومن صور ذلك الإيذاء:

  • ما رواه عبد الله بن عمرو بن العاص أنه قال: بينا النبي صلّى الله عليه وسلم يصلي في حجر إسماعيل إذ أقبل عقبة بن أبي معيط فوضع ثوبه في عنقه فخنقه خنقا شديدا

فأقبل أبو بكر حتى أخذ بمنكبه، ودفعه عن النبي صلّى الله عليه وسلم وقال: أتقتلون رجلا

أن يقول ربي الله؟.

  • ما كانوا يوجهونه لرسول الله من فنون الهزء والغمز واللمز كلما مشى بينهم أو مرّ بهم في طرقاتهم

أو نواديهم. منه ما رواه الطبري وابن إسحاق أن بعضهم عمد إلى قبضة من التراب فنثرها على

 رأسه وهو يسير في بعض سكك مكة، وعاد إلى بيته والتراب على رأسه، فقامت إليه إحدى

 بناته تغسل عنه التراب وهي تبكي ورسول الله يقول لها: (يا بنية لا تبكي، فإن الله مانع أباك).

  • تعذيب الصحابة رضي الله عنهم:  فقد لاقى الصحابة في مرحلة الدعوة الجهرية ألوانا من العذاب، حتى مات منهم من مات تحت

العذاب وعمي من عمي، ولم يثنهم ذلك عن دين الله شيئا. رواه الإمام البخاري عن خبّاب

بن الأرتّ أنه قال: (أتيت النبي صلّى الله عليه وسلم وهو متوسد بردة وهو في ظل

 الكعبة، وقد لقينا من المشركين شدة، فقلت يا رسول الله: ألا تدعو الله لنا؟ فقعد وهو

محمر الوجه، فقال: لقد كان من قبلكم ليمشط بمشاط الحديد ما دون عظامه من لحم أو عصب

ما يصرفه ذلك عن دينه، وليتّمن الله هذا الأمر حتى يسير الراكب من صنعاء إلى حضرموت لا يخاف

إلا الله).

المفاوضات بين المشركين ورسول الله:

لما رأت قريش في أول مرحلة الدعوة الجهرية ثبات أصحاب رسول الله على دينهم وازدياد أعدادهم، قررت أن تفاوض رسول الله

فعرضوا فيها عليه السلطة والمال والنساء مقابل التخلي عن الدعوة، ومن هذه المفاوضات:

  • أن عتبة بن ربيعة وكان سيدا ذا بصيرة ورأي في قومه، عرض عليهم أن يأتي محمدا ويكلمه ويعرض عليه أمورا، فوافقوا، فكلمه ورد عليه رسول الله بأن قرأ عليه آيات من سورة فصلت، فعاد عتبة إلى أصحابه فلما جلس بينهم قالوا: ما وراءك يا أبا الوليد؟ قال: ورائي أني سمعت قولا ما سمعت بمثله قط والله ما هو بالشعر ولا بالسحر ولا بالكهانة. يا معشر قريش: أطيعوني وخلّوا بين هذا الرجل وبين ما هو فيه فاعتزلوه فو الله ليكونن لقوله الذي سمعت منه نبأ عظيم فإن تصبه العرب فقد كفيتموه بغيركم، وإن يظهر على العرب فملكه ملككم وعزه عزكم، قالوا: سحرك والله يا أبا الوليد بلسانه. قال: هذا رأيي فيه فاصنعوا ما بدا لكم.
  • أن نفرا من المشركين في مرحلة الدعوة الجهرية فيهم الوليد بن المغيرة والعاص بن وائل جاؤوا فعرضوا على رسول الله صلّى الله عليه وسلم أن يعطوه من المال حتى يكون أغناهم وأن يزوجوه أجمل أبكارهم على أن يترك شتم آلهتهم وتسفيه عاداتهم، فرفض رسول الله، وقرأ عليهم: {قل يا أيها الكافرون، لا أعبد ما تعبدون، ولا أنتم عابدون ما أعبد، ولا أنا عابد ما عبدتم، ولا أنتم عابدون ما أعبد، لكم دينكم ولي دين}
  • ثم إن أشراف قريش عادوا فكرروا المحاولة التي قام بها عتبة بن ربيعة في مرحلة الدعوة الجهرية فذهبوا إليه مجتمعين، وعرضوا عليه الزعامة والمال، وعرضوا عليه الطب إن كان هذا الذي يأتيه رئيّا من الجان. فقال لهم رسول الله صلّى الله عليه وسلم: (ما بي ما تقولون، ما جئت بما جئتكم به أطلب أموالكم ولا الشرف فيكم ولا الملك عليكم، ولكن الله بعثني إليكم رسولا، وأنزل عليّ كتابا وأمرني أن أكون بشيرا ونذيرا فبلغتكم رسالات ربي ونصحت لكم، فإن تقبلوا مني ما جئتكم به فهو حظكم في الدنيا والآخرة، وإن تردّوه علي، أصبر لأمر الله حتى يحكم الله بيني وبينكم).

ثم طالبوه بأمور فيها من التعجيز والسخرية به بأن يرد لهم من آبائهم الموتى ومنهم قصي بن كلاب، وأن يوسع عليهم في عيشهم وبلدهم، وأن يجعلها لهم جنات وأنهار وقصور، فقال لهم: «ما أنا بفاعل وما أنا بالذي يسأل ربه هذا».

  • ثم فاوضوا أبا طالب على أن يسلم محمدا لهم ليقتلوه مقابل أن يعطوه شابا من قريش مكانه، فأبى أبو طالب وبنو هاشم تسليمه لهم.

وهذه أهم أحداث مرحلة الدعوة الجهرية في مكة، يتبعها أحداث أخرى نبينها في مقال آخر.

قد يهمك الاطلاع على مقال: الهجرة النبوية إلى المدينة

You might also like