معركة القادسية

معركة القادسية لمحة عامة:

تعتبر معركة القادسية من أهم معارك الفتح الإسلامي لفارس وقعت في 13 شعبان 15 هـ (16-19 نوفمبر 636)،حدثت المعركة بين المسلمين بقيادة سعد بن أبي وقاص والإمبراطورية الفارسية بقيادة رستم فرخزاد في القادسية، انتهت بانتصار المسلمين ومقتل رستم. وكانت أحد أهم المعارك لفتح العراق. وشهدت المعركة تحالف للإمبراطور الساساني يزدجرد الثالث مع الإمبراطور البيزنطي هرقل الذي زوج حفيدة مانيانغ إلى يزدجرد كرمز للتحالف.

معركة القادسية من البداية إلى النهاية:

كان الصِدام العسكري بين المسلمين والفرس قد قطع شوطا في جبهة العراق في خلافة أبي بكر وأول خلافة عمر لكنه لم يبلغ مرحلة اللّقاء العسكري الحاسم بين الطرفين، فانتصار المسلمين في معركة البويب لم ينه الوجود السياسي والعسكري للفرس في العراق، ويمكِن الدعوة الإسلامية أن تشق طريقها إلى الناس في العراق بأمن وسلام. فكان لا بد مِن لقاء عسكري حاسِم ينهي الوجود السياسي والعسكري للفرس في العراق، ويمكِن الدعوة الإسلامية أن تشق طريقها إلى الناس في العِراق، ويجعل العراق دار إسلام، وأمن وسلام، فكانت معركة “القادسية” ذلك اللِقاء العسكري الحاسم.

قد يهمك : فتنة مقتل عثمان بن عفان

معركة القادسية من البداية إلى النهاية

من هو قائد معركة القادسية؟

قاد سعد بن أبي وقاص جيش المسلمين في معركة القادسيّة، وكان برفقته جيش يزيد عن ثلاثين ألف مقاتل، بينما كان رستم جاذويه قائد جيش الفرس المُكوّن من مئة وعشرين ألفاً، وقد وصل عددهم برفقة خدمهم ومن يتبعهم إلى 200.000، هذا عدا عن امتلاكهم لثلاثة وثلاثين فيلاً، وكان فيل سابور الأبيض أحد هذه الفيلة.

أيام معركة القادسية:

اليوم الأول: يوم أرماث 14 شعبان:

كان جيش المسلمين يقدر بستة وثلاثين ألفا يقودهم الأسد «سعد بن أبي وقاص»، ويقدر جيش الفرس بمائتين وأربعين ألفا يقودهم «رستم» ومعهم سلاح المدرعات المكون من ثلاثة وثلاثين فيلا ضخما، ووقع الصدام الهائل في أول يوم عندما هجم الفرس بكل قوتهم وركزوا هجومهم الكاسح على قبيلة «بجيلة» حيث كانت تمثل خمس الجيش تقريبا، وكان السر وراء ذلك التركيز الهجومي من جانب الفرس، هو أن رجلا  من ثقيف خان المسلمين في أحرج ساعاتهم وارتد عن دين الإسلام والتحق بالعدو، ودلهم على مكمن القوة في جيش المسلمين.

أصدر «سعد» قرار سريعا لإنقاذ «بجيلة» فأمر قبيلة «أسد» وقبيلة «بني تميم» برد الهجوم الفارسي الضاري على «بجيلة»، وكان لسلاح الفيلة الفارسي أثر بالغ في المسلمين، ذلك لأن خيل المسلمين لم تكن قد رأت من قبل الأفيال، فنفرت منها بشدة، وقد أصدر «سعد» توجيها لكتيبة خاصة من أمهر الفرسان، بهدف تحطيم السروج الخشبية المقامة على ظهور الفيلة، وبالفعل نجح «عاصم بن عمرو» في مهمته، وخرج سلاح الفيلة من القتال مؤقتا، وانتهى يوم أرماث وكان لصالح الفرس تقريبا بسبب الخيانة وكذلك الفيلة.

اليوم الثاني: يوم أغواث 15 شعبان:

أصدق وصف لهذا اليوم، أنه يوم الخدع الحربية، فلقد أرسل عمر بن الخطاب إمدادات من الشام إلى المسلمين بالعراق، يقدر بستة آلاف مقاتل، وكان في مقدمة هذه الإمدادات البطل الشهير «القعقاع بن عمرو» الذي قام بإدخال الإمدادات إلى أرض المعركة على مراحل مع إثارة أكبر قدر من الضوضاء والغبار، ليظن الفرس أن المسلمين قد جاءهم إمدادات ضخمة.

وكان لقدوم «القعقاع بن عمرو» مفعول السحر في نفوس المسلمين، فقد كان بطلا شجاعا ماهرا في شحذ الهمم وإثارة العزائم، فكان يوم أغواث هو يوم البطولات ويوم القعقاع كله، وفيه كان قتال أبي محجن الثقفي البطولي، بعد أن خرج من محبسه، وفيه كان استشهاد أبناء الخنساء الأربعة، وفيه كان مقتل أكبر قادة الجيش الفارسي بعد «رستم» وهو «بهمن جاذويه»، وفيه كانت الخدعة الحربية التي قام بها «القعقاع» عندما ألبس جمال المسلمين خرقا وبرقعها بالبراقع، فصار لها منظر مخيف عندما رأتها خيل الفرس نفرت وفرت هاربة، وكان هذا اليوم كله لصالح المسلمين.

اليوم الثالث: يوم عماس 16 شعبان

في هذا اليوم قام القعقاع بخدعة حربية جديدة، عندما لاحظ تقدم الفرس بعد أن نزل سلاح الفيلة ميدان القتال مرة أخرى، فأرسل مجموعة من الجيش تسللت خارجة من المعسكر، ثم عادت كأنها إمدادات جديدة، فزادت حماسة باقي الجيش الإسلامي، وكان «سعد» القائد العام للمسلمين قد كلف مجموعة منتقاة من خلاصة أبطال المسلمين، للقيام بعملية في غاية الخطورة، ألا وهي قتل الفيل القائد لكل الفيلة وهو فيل سابور الأبيض، والفيل الآخر وهو «الأجرب» وانتدب لهذه المهمة أربعة نفر «القعقاع بن عمرو»، وأخاه «عاصم بن عمرو»، وهما لقتل الأبيض، و«حمّال بن مالك»، و«الربيل بن عمرو» وهما لقتل الأجرب، ونجح الأبطال الأربعة في المهمة، وقد توقف القتال بعد أن قام «طليحة الأسدي» باختراق صفوف الفرس.

اليوم الرابع: ليلة الهرير 17 شعبان

في هذه الليلة اشتعل القتال بين المسلمين والفرس وتصافح الناس بالسيوف واشتد القتال بصورة لم ير الناس مثلها من قبل ولا في التاريخ كله، ولم يسمع ليلتها سوى هرير الناس وصليل السيوف، وقاتل المسلمون والفرس قتالا صار مضربا للأمثال بعدها، ومقياسا لشدة الحروب، وشد المسلمون بكل ضراوة على قلب الجيش الفارسي، ومما يدل على شدة القتال في هذه الليلة أن المسلمين قد استشهد منهم قبل ليلة الهرير 2500 شهيد، وفي ليلة الهرير وحدها استشهد 6000 مسلم.

ثم جاءت اللحظة الحاسمة في هذه المعركة الخالدة، وذلك عندما قام البطل المسلم «هلال بن علفة» بقتل القائد العام للفرس «رستم»، وبعدها انهارت معنويات الجيش الفارسي ووقعت عليهم الهزيمة الساحقة، حتى إن الشاب اليافع من المسلمين كان يسوق ثمانين رجلاً من الفرس أسرى، ويشير المسلم إلى الفارسي فيأتيه فيقتله، وربما يأخذ سلاحه الذي عليه فيقتله به، وربما أمر رجلين من الفرس فيقتل أحدهما صاحبه.

وهذه المعركة قضت على معظم قوة الدولة الفارسية وكانت إيذانا بأفول شمس إمبراطورية المجوس، وكان الناس من العرب والعجم والرومان ينتظرون ما تنجلي عنه هذه الوقعة الهائلة حتى قيل إن الجن قد حملوا بشارات النصر في أرجاء المعمورة.

اسباب معركة القادسية :

بعد ان انهزم الفرس في معركة البويب وانقلب الفرس على قادتهم بعد ان اتهموهم بانهم السبب في هذه الهزيمة بسبب التفرق والشتات بينهم والاختلافات التي نشبت بينهم فقام القادة بالاتفاق على اختيار ملك من نسل كسرى وبعد ان تسلم الملك مقاليد الحكم اخذ يرتب هو وجيشه وقادته لاعادة هيبة الفرس من جديد لتزداد قوتهم امام عدوهم فوصل الخبر الى المثنى بن حارثة في العراق بانهم سيحاربون ضد المسلمين فكتب الى الخليفة عمر بن الخطاب يخبره بما يدبر لهم من غدر الفرس وعندما وصل الخبر لعمر بن الخطاب قام بتجهيز الجيش ليحاربوا الفرس في عقر دارهم قبل خروجهم لغزو المسلمين .

اسباب معركة القادسية

نتائج معركة القادسية :

ترتب على معركة القادسية عدة نتائج وهي :

  • انتصر المسلمون على اعداء الله وحصلوا على الكثير من الغنائم من وراء تلك المعركة وكان من أشهرها راية فارس الكبرى.
  • عادت من جديد العهود والمواثيق التي كتبت عندما فتح خالد بن الوليد العراق والتي قام بنقضها الفرس .
  • اصبحت معركة القادسية بداية عظيمة لانتصارات متتابعة حققها المسلمون في معاركهم ضد الفرس .
  • خضعت العراق للدولة الاسلامية حيث دخل الاسلام ما يقارب من 4000 شخص من جيش رستم بعد ان انتهت المعركة.
  • الوصول الى بقاع الدولة الفارسية دون اي عقبات تواجههم.
  • اعتناق الكثيرين من الذين قدموا من القبائل العربية الشمالية للدين الاسلامي .
  • ادى مقتل رستم الى اضطراب صفوف الفرس مما ادى الى هزيمتهم .

نصيحة عمر بن الخطاب لسعد بن ابي وقاص :

من المعروف ان عمر بن الخطاب هو امير المؤمنين وسعد بن ابي وقاص كان قائد معركة القادسية ، عندما اجتمع عمر بن الخطاب بالصحابة واستشارهم فوافقوه على الذهاب الى العراق ولكن عبدالرحمن بن عوف كان له رأيا آخر ورأى ان يرجع عمر بن الخطاب الى المدينة ويبعث برجل غيره فسأله عمر من يكون ؟

فقال : الاسد سعد بن ابي وقاص فأرسل امير المؤمنين الى سعد واوصاه فقال له :

يا سعد لا يغرنك من الله ان قيل خال رسول الله وصاحبه فان الله لا يمحو السئ بالسئ ولا السئ بالحسن فالله ليس بينه وبين احد نسب الا بطاعته فالناس شريفهم ووضيعهم في ذات الله سواء وهم عباده يتفاضلون بالعافية ويدركون ما عند الله بطاعته فانظر الامر الذي رأيت رسول الله منذ بعث الى ان فارقنا عليه فالزمه فانه أمر .

وقبل ان يغادره قال له : انت مقدم على امر شديد فالصبر الصبر على ما اصابك تجمع لك خشية الله واعلم ان خشية الله تجتمع في امرين : طاعته واجتناب معصيته فطاعته تكون ببغض الدنيا وحب الاخرة وعصيانه بحب الدنيا وبغض الاخرة

You might also like