معركة ذي قار

معركة ذي قار هي من أشهر معارك العرب وقعت أحداثها جنوب العراق ما بين الفرس والعرب الذين توحدوا، وانتصروا في هذه المعركة في يوم كان من أعظم أيام العرب وهو أول يوم ينتصر فيه العرب على الفرس.

وتعتبر معركة ذي قار من أشهر ملاحم العرب في القرن السابع للميلاد في وقت كانت فيه شبه جزيرة العرب تضم القبائل العربية المتفرقة والتي كانت بدورها تعيش في صراع دائم فيما بينها، وتحيط فيها الدول الضخمة وتتناوب في السيطرة عليها وتبرز أهمية هذه المرحلة في كونها من المرات القلائل التي يتحد فيها العرب تحت راية واحدة وكلمة واحدة.

تابعوا معنا في سطورنا القادمة كل ما تريدون معرفته عن معركة ذي قار إحدى ملاحم العرب.

قد يهمك: حقيقة معركة عين جالوت

معركة ذي قار

أين تقع ذي قار؟

هي محافظة عراقية في الجنوب من العراق شمال محافظة البصرة وقد سميت بهذا الاسم بسبب كثرة استخدام الناس فيها للقار في بناء منازلهم، ويقول البعض أن سبب التسمية يعود إلى معركة ذي قار التي وقعت في نفس المنطقة بين العرب والفرس قبل الإسلام حيث وقعت في منطقة كثيرة عيون الماء وكانت تسمى عيون ذي قار.

أسباب معركة ذي قار

كانت الدولة الفارسية في ذلك الوقت تسودها حالة من الفوضى وذلك قبل أن يتولى الحكم كسرى الثاني الذي هرب مضطراً مع أهله إلى الشام والاستنجاد بالنعمان بن المنذر ملك الحيرة، التي كانت تحت السيطرة الفارسية والذي رفض أن يساعده واشترط أن يحصل على استقلاله إن أراد مساعدته.

وبعد ذلك طلب كسرى المساعدة من موريس ملك الروم آنذاك الذي لم يتردد وساعده على تقلده للحكم، وبعد رفض النعمان مساعدة كسرى كانت هناك العديد من الأحداث إلى توتر العلاقات بين الفرس والنعمان بن المنذر.

وفي ذلك الوقت كان ملك الحيرة النعمان بن المنذر هو ملك العرب وكان يستقبل في قصره أشهر الشعراء التي عرفتهم العرب ( النابغة الذبياني – حاتم الطائي – وشاعر الرسول حسان بن ثابت ).

وكان النعمان مشهوراً بأن له يومان بؤس ونعيم فكان إذا صادف أحداً في يوم بؤسه قتله وإذا صادفه في يوم نعيمه أكرمه، ومن أشهر الذين قتلهم النعمان الشاعر عدي بن زيد وكان يجيد العربية والفارسية واستخدمه كسرى الأول ترجماناً له مع العرب وبعد موت عدي كان له ولدان عملا عند كسرى الثاني وهما الكاتب عمرو بن عدي والترجمان زيد بن عدي.

وقد ذكر زيد لكسرى جمال بنات النعمان فأرسله كسرى يطلب من بنات المنذر زوجات له ولأولاده فرفض النعمان ذلك الذي يقال أنه شبه نساء فارس بالبقر الأمر، الذي أغضب كسرى ولكنه لم يتحرك لأنه كان مشغولاً بإخماد الثورات في بلاده وبعد أن انتهى من ذلك أرسل إلى النعمان يمثل عنده فعرف النعمان أنه مقتول لا محالة لذلك طلب اللجوء عند من كان يناسب فيهم، لكنهم رفضوا خوفاً من كسرى وبقي النعمان يبحث عمن يستنجد به حتى وصل بني شيبان وطلب الجوار من سيدهم هانئ بن مسعود وكان له ما طلب.

قد يهمك: أحداث معركة ميسلون

معركة ذي قار

وحدة واستعداد العرب لمعركة ذي قار

بعد أن قبل هانئ بن مسعود حماية النعمان وأهله وماله نصحه بان نهاية هذا الأمر هي هلاكهما مع بعض على يد الفرس.

ونصحه بالذهاب إلى كسرى حاملاً معه الهدايا ويطلب منه ان يسامحه فإن قبل كسرى أو رفض فهو عاش ملكاً ويموت ملكاً، وافق النعمان على واستأمن ابن مسعود على أهله وماله وأسلحته وذهب النعمان بن المنذر إلى كسرى الذي قتله وأنهى حياته وفي هذه الأثناء كان رجلاً من العرب اسمه إياس بن قبيصة كان قد ساعد كسرى عندما كان هارباً.

فتذكر كسرى معروفه معه وعينه والياً على الحيرة وامره بأن يأتيه بنساء النعمان وأسلحته وأمواله، فأرسل إياي إلى ابن مسعود بهذا الأمر لكن ابن مسعود الذي رفض ان يسلمه أمانة النعمان بن منذر التي عنده كما هو معروف ان بنو شيبان هم من فروع قبيلة بكر بن وائل كبرى قبائل العرب في ذلك الزمان ولا يضاهيهم إلا قبيلة تغلب.

وهنا أخذ بنو شيبان بعرض الأمر على كبار وسادة قبيلة بكر بن وائل وتناقشوا الأمر فيما بينهم وكان الرأي ان يسلموا كسرى أموال ونساء وأسلحة النعمان فهذا يبقى افضل من الحرب مع الفرس.

حتى جاء سيد بكر وفارسها حنظلة بن ثعلبة وفال لهم : لا أرى إلا القتال وقال لهانئ: بان عرضكم هو عرضنا وطلب منه إخراج كل أسلحة النعمان بن المنذر واستخدامها في حربهم ضد الفرس، ووافق كل أسياد وأبناء قبيلة بكر هذا الرأي وأخذوا يعدون العدة للقتال في يوم ذي قار.

أحداث معركة ذي قار

عندما أصبح جيش العرب وجيش الفرس وجهاً لوجه في ذي قار واقتربوا من الالتحام فيما بينهم خرج من الفرس أبرز فرسانها يطلبون وكما هو معروف من يبارزهم رجلاً لرجل وخرج أبطال العرب وفرسانهم وكان النصر حليف الفرسان العرب في المواجهات الفردية وكان هذا سبباً في ارتفاع معنويات العرب وانخفاضها عند الفرس.

التحم الجيشان في قتال عنيف في اليوم الأول وكان قائد جيش العرب حنظلة قد أمر بعض فرسانه يقودهم يزيد بن حمار بالمناورة خلف صفوف الفرس ومداهمتهم من خلفهم، وعندما بدأ الهجوم على الفرس كانت بعض قبائل العرب من الخلف فتحت لهم الطريق بالاتفاق مع حنظلة وتركوا جيش الفرس وحده والذي حدثت فيه مقتل عظيمة في اليوم الأول

وعندما كان اليوم الثاني كانت العطش قد فعل فعلته بجيوش الفرس نتيجة هجر القبائل العربية لهم وأيضاً للخسائر الكبيرة التي تكبدوها في اليوم الأول، فكانوا يقاتلون واليأس يقتلهم حتى أصبح القتال من طرف واحد وبدأ العرب بمطاردة جنود الفرس وقتلهم حتى المساء حيث بدأت الأمور بالاستقرار وبدأ العرب بتقاسم الغنائم التي اغتنموها من الفرس.

نتائج معركة ذي قار

كان كسرى إذا أخبره أحدهم بخبر هزيمة الجيش أن يخلع كتفاه وعندما جاء إليه إياس بن قبيصة حاكم الحيرة أخبره بانتصار الفرس على جيوش بكر بن وائل ففرح كسرى وكافأه على هذا الخبر، واعتذر منه إياس بحجة أنه يريد أن يعود إلى أخيه المريض فسمح له كسرى بذلك فولى إياس هارباً.

وعندما علم كسرى بهزيمته في معركة ذي قار ولى على الحيرة والياً فارسياً بدلاً من إياس، ولكن العرب هناك لم يقبلوا بحكمه وبدأت الثورات ضده واستقلت قبيلة بكر بن وائل بإقليم البحرين الذي كان يضم العراق وقطر والكويت والسعودية

حاول كسرى إعادة الأمور إلى سابق عهدها وإعادة الاستقرار للحيرة بأن عين أحد أبناء النعمان بن المنذر والياً على الحيرة وكان يعرف بالمنذر المغرور، ولكن بعد فوات الأوان فقد تولى أبو بكر الصديق خلافة المسلمين وبدأت حروب الردة وحارب المنذر المسلمين وقتل بالبحرين.

وكان أيضاً من أهم نتائج معركة ذي قار هو أن العرب لم يعودوا يخشون الفرس كما كانوا بعد هزيمتهم في ذي قار، حتى جاء الخليفة عمر بن الخطاب وركز كل جهود المسلمين العسكرية ضد الفرس في معركة القادسية التي انتهت بنصر ساحق للعرب المسلمين وإخضاع بلاد فارس تحت راية الإسلام وبأقل من عشر سنوات.

وهكذا انتهت الأسطورة الساسانية الفارسية التي استمرت في حكم العالم وإرهابهم وإخضاعهم تحت حكمهم وأمرهم من العرب والروم واليونانيين وغيرهم ممن جاوروهم في ذلك الزمان.

You might also like