معركة مرج دابق

شكلت معركة مرج دابق نقطة تحول كبيرة في مسيرة الدولة العثمانية فقد ساهمت هذه المعركة بشكل او بآخر في القضاء على دولة المماليك، ومن بعدها نقل عاصمة الخلافة الإسلامية إلى اسطنبول التي كانت وقتها عاصمةً للدولة العثمانية.

وفي مقالنا هذا سوف نكون معكم في الحديث عن أبرز المعلومات عن معركة مرج دابق من البداية حتى النهاية.

قد يهمك: أول معركة في التاريخ

معركة مرج دابق

أين تقع مرج دابق

وقعت معركة مرج دابق في منطقة مرج دابق وهي سهل يقع شمال حلب في سوريا، وتعتبر قرية دابق من القرى التاريخية التي تتبع لناحية  أخترين وتقع مرج دابق على بعد 45 كم عن مدينة حلب و15كم عن الحدود التركية.

ولمرج دابق أهمية تاريخية حيث نزل فيها سليمان بن عبد الملك عندما أرسل أخاه مسلمة بن عبد الملك لفتح القسطنطينية وبقي فيها وتوفي فيها.

البعد الديني لمرج دابق

تحتل قرية مرج دابق مكانة متميزة في قلوب المسلمين لأنها وردت في الحديث الصحيح لرسول الله صلى الله عليه وسلم الذي رواه الإمام مسلم، ونص الحديث عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال :

( لا تقوم الساعة حتى ينزل الروم بالأعماق أو بدابق فيخرج إليهم جيش من المدينة من خيار أهل الأرض يومئذ، فإذا تصافوا قالت الروم : خلوا بيننا وبين الذين سبوا منا نقاتلهم فيقول المسلمون : لا والله لا نخلي بينكم وبين إخواننا فيقاتلونهم فينهزم ثلث لا يتوب الله عليهم أبداً ويقتل ثلثهم أفضل الشهداء عند الله ويفتتح الثلث لا يفتنون أبداً فيفتتحون قسطنطينية، فبينما هم يقتسمون الغنائم قد علقوا سيوفهم بالزيتون إذ صاح فيهم الشيطان أن المسيح قد خلفكم في أهليكم، فيخرجون وذلك باطل وإذا جاؤوا الشام خرج فبينما هم يعدون للقتال يسوون الصفوف إذ أقيمت الصلاة فينزل عيسى ابن مريم صلى الله عليه وسلم فأمهم، فإذا رآه عدو الله ذاب كما يذوب الملح في الماء فلو تركه لا نذاب حتى يهلك ولكن بقتله الله بيده فيريهم دمه بحربته ).

معركة مرج دابق

في الرابع والعشرين من شهر أغسطس / آب عام 1516م دارت أحداث معركة مرج دابق بالقرب من مدينة حلب في سوريا بين الدولة العثمانية ودولة المماليك التي كانت تحكم مصر وبلاد الشام والحجاز.

وكانت معركة مرج دابق حتى تكون الكلمة الأخيرة من أجل نقل خلافة المسلمين إلى الدولة العثمانية بعد القضاء على المماليك ودخول مصر تحت سيطرة وحماية الدولة العثمانية.

فقد كانت الدولة العثمانية تحت قيادة السلطان سليم الأول بينما كان قنصوة الغوري هو من يقود دولة المماليك، وبشكل عام كانت المعركة من أجل توحيد صفوف المسلمين تحت رايةً واحدةً في زمن كثرت فيه الهجمات من قبل القوات البرتغالية، التي كانت تتعدى على المقدسات الإسلامية على طول البحر الأحمر وبحر العرب.

قد يهمك: أشهر الحروب في التاريخ

معركة مرج دابق

الأسباب التي أدت إلى وقوع اندلاع معركة مرج دابق

بعد ان وقع السلطان العثماني معاهدة الهدنة مع المماليك الأوربيين في الغرب والخوف من هجمات الدولة الصفوية على حدود دولته الشرقية، الذين كانوا لا يترددون في ارتكاب الانتهاكات ضد سكان المناطق التي كانوا قد استولوا عليها شرقي الأناضول وفرضهم للمذهب الشيعي على الطائفة السنية، التي تعيش في تلك المناطق وإضافةً إلى كل ذلك احتلال الصفويين لبغداد عام 1508م وقيامهم بالاعتداء على علماء السنة الأحياء وهدم قبور الأموات.

وقتها قام السلطان العثماني سليم الأول بشن حملة عسكرية على الدولة الصفوية، والتي انتهت بانتصار ساحق للعثمانيين والقضاء نهائياً على الصفويين في معركة جالديران عام 1514 م.

وبكن وقبل أن تهجم القوات العثمانية على تبريز والتي هي عاصمة الدولة الصفوية كان السلطان العثماني قد طلب مساعدة المماليك في حريه ضد الصفويين، حيث أن الدولتين العثمانية والمماليك تتشاركان المذهب السني نفسه وتشاركان في الدفاع عن المقدسات الإسلامية في حروبهم ضد البرتغاليين.

ولكن قنصوة الغوري رفض مساعدة العثمانيين وفوق هذا قام بتشجيع ولاته في الشام على مهاجمة جيش العثمانيين من الجهة الخلفية أثناء الحرب على الصفويين.

وبعد أن تم القضاء على الدولة الصفوية فقد علم السلطان العثماني بتحالف المماليك مع الصفويين ضد الدولة العثمانية وبشكل سري، لذلك بعث السلطان سليم رسالة تهديد إلى قائد المماليك يطالبه فيها بالمجيء إلى بلاد الشام ومحاربته إن كان يجرؤ على ذلك، وفور قراءة الرسالة من قبل قنصوة الغوري أعد العدة وجهز الجيوش وقام بالتحرك باتجاه مرج دابق وذلك لمحاربة الدولة العثمانية بقيادة السلطان سليم الأول.

الأطراف المتنازعة في معركة مرج دابق

  • الدولة العثمانية : حيث كان جيش العثمانيين يتألف من 125 ألف مقاتل تقريباً وكان معهم 300 مدفع وعدداً كبيراً من الجنود ممن يحملون البنادق البدائية، وقد ترك السلطان سليم ابنه ينوب عنه في اسطنبول.
  • المماليك : لم يكن جيش المماليك بتلك القوة كما يعتقد البعض فقد قدموا من مصر بجيش قوامه خمسة ألاف مقاتل، وانضم إليهم جنود جيوش الشام قرابة ال 20ألف مقاتل وترك قنصوة ابن أخيه طومان باي نائباً عنه.

أحداث معركة مرج دابق

لم تدم معركة مرج دابق أكثر من ثماني ساعات ولكنها كانت كافية لتدمير والقضاء على قوة المماليك.

بعد أن اصطف جيشا المماليك والعثمانيين بداية كانت بالمناوشات بينهما ولكن ومع أول فرصة لهم شنت قوات المماليك هجوماً مفاجئاً على الجيش العثماني، استطاعوا من خلاله أن يحدثوا بعض الاضطرابات في صفوفهم فقد كان الهجوم من قبل رماة السهام في جيش المماليك على حملة البيارق في الجيش العثماني والالتفاف ومهاجمة الجنود الذين يحملون البنادق وقد أظهر جنود المماليك وعلى قلة عددهم شجاعةً واستبسالاً، وتمكنوا من جعل السلطان سليم الأول يفكر في تجديد الهدنة معهم بعد أن رأى الخسائر الفادحة التي تلقاها على يد المماليك، أن ضربات المدافع القوية كان لها رأي آخر وقد جعلت هجمات المماليك هباءً منثورا.

وكان في هذه المعركة قنصوة الغوري يقود جيش المماليك وهو على حصانه في الوقت الذي أعلن فيها وبشكل مفاجئ خاثر بك والي حلب وقائد جهة اليسار لجيش المماليك انحيازه للدولة العثمانية وادعى أيضاً أن السلطان قنصوة الغوري قد لقي حتفه، مما أدى إلى اهتزاز قوة المماليك بعد أن انكشفت صورتهم وقلة عددهم وانهيار معنوياتهم إثر الإشاعة التي تقول عن مقتل قائدهم وسلطانهم، حيث كثف الجيش العثماني من قصفه للمماليك بالمدافع فازدادت الخسائر في صفوف جيش المماليك حتى بدا الجنود بالهرب، حتى تفكك جنود المماليك وانتصر عليهم العثمانيون وقتلوا عدداً كبيراً منهم وتحول جيش المماليك إلى لا شيء على يد الدولة العثمانية.

نتائج معركة مرج دابق

  • مقتل قائد المماليك قنصوة الغوري في هذه المعركة أثناء انسحابه، وقد قيل أن أحد جنود المماليك قطع رأسه ودفنه حتى لا يتعرف عليه العثمانيون.
  • القضاء على طومان باي آخر سلاطين المماليك في معركة الريدانية وضم مصر تحت حكم الدولة العثمانية.
  • انتهاء سيطرة المماليك على بلاد الشام وضمها إلى أراضي الدولة العثمانية، وانتقال الحجاز والأماكن إلى سيطرة وحماية الدولة العثمانية.
  • أصبح السلطان سليم الأول أول خلفاء المسلمين من العثمانيين، وانتقال عاصمة الخلافة الإسلامية إلى اسطنبول.
  • انضمام اليمن إلى مظلة الحكم العثماني بعد أن قدم حاكم اليمن الولاء والطاعة للسلطان العثماني.
  • شكل انضمام اليمن للدولة العثمانية نقطة تحول في حماية البحر الأحمر والأماكن المقدسة من هجمات البرتغاليين.

كان السلطان سليم الأول على علم ودراية أنه إذا تخلص من دولة المماليك، فإن الطريق سوف يكون مفتوحاً أمامه لبناء الدولة العثمانية التي يسعى إليها لذلك أعد العدة الكاملة وجهز الجيوش للقضاء على دولة المماليك.

وفي عام 1811 م قام الوالي العثماني على مصر محمد علي باشا بالقضاء على باقي أمراء المماليك في مذبحة القلعة، لأنه يعلم أن المماليك تاريخ حافل بالاستيلاء على السلطة حتى ولو بعد حين.

You might also like