فتح القسطنطينية

يوم الحسم في فتح القسطنطينية.

لمحة عن فتح القسطنطينية


كان فتح القسطنطينية من أعظم الفتوحات الإسلامية، والذي تم على يد السلطان محمد الفاتح الذي تأثر  بالعلماء الربانيين

منذ طفولته ومن أخصهم العالم الرباني “أحمد بن إسماعيل الكوراني” الذين عينهم مراد الثاني لتربية ولده وتعليمه وتأديبه،

وكذلك الشيخ “آق شمس الدين”، الذين أثروا في تكوين شخصية محمد الفاتح المحب للجهاد، والإيحاء إليه أنه المقصود

بالحديث النبوي؛ حديث فتح القسطنطينية (لتفتحن القسطنطينية، فلنعم الأمير أميرها ونعم الجيش ذلك الجيش) في بشارة فتح القسطنطينية.

الإعداد لفتح القسطنطينية

إذا أردنا أن نعرف ماذا أعد السلطان محمد الفاتح من أجل فتح القسطنطينية فالصور كثيرة نذكر لكم أبرزها:

  • جهز محمد الفاتح جيشا لفتحها وصل إلى ربع مليون مجاهد، كما جاهد في التخطيط والتدريب لذلك، وتقوية الجيش العثماني
  • وتجهيزه بمختلف أنواع الأسلحة، وبث روح الحماسة والجهاد فيهم وتذكيرهم دائما ببشارة رسول الله وأن تكون لهم.
  • بنى قلعة رولي حصار في الجانب الأوروبي على مضيق البسفور في أضيق نقطة منه مقابل القلعة التي أسست في عهد السلطان بايزيد في البر الآسيوي، وصل ارتفاعها إلى 82 متراً وأصبحت القلعتان متقابلتين ولا يفصل بينهما سوى 660م تتحكمان في عبور السفن من شرقي البسفور إلى غربيه وتستطيع نيران مدافعهما منع أي سفينة من الوصول إلى القسطنطينية.
  • إعداد أسلحة قوية: أحضر مهندساً مجرياً يدعى (أوربان) كان بارعاً في صناعة المدافع فأحسن استقباله ووفر له جميع الإمكانيات المالية والمادية والبشرية، وقد تمكن هذا المهندس من تصميم وتنفيذ العديد من المدافع الضخمة كان على رأسها المدفع السلطاني المشهور.
  • تقوية الأسطول العثماني وتزويده بالسفن المختلفة ليكون مؤهلا للحصار القادم.
  • عقد محمد الفاتح عدة معاهدات مع أعدائه من إمارات بيزنطية قريبة، ليفرغ لعدو واحد، لكن هذه المعاهدات لم تصمد عندما جاءت قوات أوربية للدفاع عن القسطنطينية فشاركوا في الدفاع عنها.
  • حاول الإمبراطور البيزنطي ثني السلطان محمد الفاتح عن هدفه، بتقديم الأموال والهدايا، أو الرشوة لمستشاريه ليثنوه عن هدفه، لكنه لم يفلح، عندها طلب الإمبراطور المساعدات من مختلف المدن الأوربية، رغم خلاف الكنائس بينهم، فجاءت إمدادات من كثير من المدن.

 

خطة محمد الفاتح لفتح القسطنطينية

  • القسطنطينية من الناحية العسكرية والتحصينات تعد من أفضل المدن، فهي مدينة محاطة بالمياه البحرية في ثلاث جبهات، مضيق البوسفور، وبحر مرمرة، والقرن الذهبي الذي كان محمياً بسلسلة ضخمة جداً تتحكم في دخول السفن إليه، بالإضافة إلى ذلك فإن خطين من الأسوار كانت تحيط بها من الناحية البرية من شاطئ بحر مرمرة إلى القرن الذهبي، يتخللها نهر ليكوس.
  • جهز محمد الفاتح الخرائط والخطط للهجوم، كما نقل المدافع من أدرنه إلى قرب القسطنطينية في مدة شهرين.
  • في يوم الخميس 26 ربيع الأول 857هـ، فجمع الجند وكانوا قرابة مائتين وخمسين ألف جندي، فخطب فيهم خطبة قوية حثهم فيها على الجهاد وطلب النصر أو الشهادة وذكرهم الأحاديث النبوية التي تبشر بفتح القسطنطينية وفضل الجيش الفاتح لها وأميره، وما في فتحها من عز للإسلام والمسلمين، وقد بادر الجيش بالتهليل والتكبير والدعاء.
  • شارك العلماء في الجيش وكانوا بين صفوف المقاتلين مما زاد في معنويات المجاهدين.
  • في يوم الجمعة وزع السلطان محمد الفاتح جيشه أمام أسوار المدينة ومن جميع الجهات، وجعل من ورائه جيشا رديفا، وجعل المراقبين على جميع الأطراف، ونصب المدافع أمام أسوار المدينة، وانتشرت السفن العثمانية في المياه المحيطة بالمدينة، إلا أنها لم تستطع الوصول إلى القرن الذهبي بسبب وجود السلسلة الضخمة التي منعت أي سفينة من دخوله.

 

أهم محاولات فتح القسطنطينية

  • كانت المدفعية تدك أسوار القسطنطينية وأصوات قذائفها تنشر الرعب في قلوب البيزنطيين، وتدمر بعض الأماكن في السور لكن يعاد ترميمها بسرعة، ووصلت بعض الإمدادات إلى العاصمة البيزنطية ورجال الكنيسة يطوفون على الجنود والعامة في المدينة يثبتونهم ويشجعونهم على الثبات.
  • حاول الإمبراطور أن يصرف محمد الفاتح عن مدينته بعروض مختلفة قدمها للسلطان ليغريه بالانسحاب مقابل الأموال أو الطاعة، لكن محمد الفاتح رد: فليسلم لي إمبراطوركم مدينة القسطنطينية وأقسم بأن جيشي لن يتعرض لأحد في نفسه وماله وعرضه ومن شاء بقي في المدينة وعاش فيها في أمن وسلام ومن شاء رحل عنها حيث أراد في أمن وسلام أيضاً.
  • ومن أبرز صور بطولات فتح القسطنطينية كان الهجوم العثماني مستمراً دون هوادة حيث أظهر جنود الانكشارية شجاعة فائقة، وبسالة نادرة، فكانوا يقدمون على الموت دون خوف في أعقاب كل قصف مدفعي، تمكنت المدافع العثمانية من فتح ثغرة في لأسوار البيزنطية عند وادي ليكوس في الجزء الغربي من الأسوار، فاندفع إليها الجنود العثمانيون بكل بسالة محاولين اقتحام المدينة من الثغرة، كما حاولوا اقتحام الأسوار الأخرى بالسلالم التي ألقوها عليها.
  • أسلوب جديد في محاولة الاقتحام وذلك بأن صنعوا قلعة خشبية ضخمة شامخة متحركة تتكون من ثلاثة أدوار، وبارتفاع أعلى من الأسوار، وقد كسيت بالدروع والجلود المبللة بالماء لتمنع عنها النيران فأثارت الرعب في قلوب البيزنطيين، واستطاعت الالتصاق بسور المدينة والاقتتال مع المدافعين، واستطاع بعض المجاهدين من تسلق السور، لكن تم إحراق تلك القلعة في نهاية الأمر.
  • في يوم الاثنين 19 جمادى الأولى كان محمد الفاتح قد جهز جنده وطاف على جبهاتهم وخطب فبهم وحمسهم وحدد نقاط الهجوم، والعلماء يطوفون بين الجند يقرؤون عليهم القرآن ويحدثونهم عن فضل الجهاد وفتح القسطنطينية، ثم أصدر الفاتح تعليماته للقادة وخطب بالجند قبل المعركة، وفي الليل أشعلوا نيرانا في معسكر المسلمين وصاروا يهللون ويكبرون فأرعب ذلك البيزنطيين.

 

أهم أعمال محمد الفاتح لفتح القسطنطينية

  • أراد السلطان أن تصل السفن إلى القصر الذهبي لتفريق قوة العدة وخاصة أن الأسوار من جهته متهاوية، فعمد إلى نقل السفن بجرها على الطريق البري الواقع بين الميناءين مبتعداً عن حي غلطة خوفاً على سفنه من الجنوبيين، وقد كانت المسافة بين الميناء نحو ثلاثة أميال، ولم تكن أرضاً مبسوطة بل وعرة.
  •   أمر السلطان بتمهيد الأرض وسويت في ساعات قليلة وأتى بألواح من الخشب دهنت بالزيت والشحم، ثم وضعت على الطريق الممهد بطريقة يسهل بها انزلاق السفن وجرها، وكان أصعب جزء من المشروع هو نقل السفن على انحدار التلال المرتفعة، حتى وصلت إلى نقطة آمنة فأنزلت في القرن الذهبي، وتمكن العثمانيون في تلك الليلة من سحب أكثر من سبعين سفينة وإنزالها في القرن الذهبي على حين غفلة من العدو. وكان هذا العمل عظيماً بالنسبة للعصر الذي حدث فيه بل معجزة من المعجزات.
  • كان السلطان الفاتح يفاجئ عدوه من حين لآخر بفن جديد من فنون القتال والحصار، وحرب الأعصاب وبأساليب جديدة وطرق حديثة مبتكرة غير معروفة للعدو، ومنها حفر أنفاق تحت الأرض من عدة جهات للوصول إلى داخل المدينة، لكن البيزنطيين سمعوا أصوات الحفر فحفروا مقابل ذلك أنفاق حتى إذا دخلها المجاهدين صبوا عليهم ألسنة النيران والنفط المحترق والمواد الملتهبة، فخسر العثمانيون عددا من الجنود في ذلك.

 

يوم الحسم في  فتح القسطنطينية

  1. مرحلة الهجوم العام على القسطنطينية:

عند الساعة الواحدة صباحا من يوم الثلاثاء 20 جمادى الأولى سنة 857هـ، بدأ الهجوم العام على المدينة بعد أن أصدرت الأوامر للمجاهدين الذين علت أصواتهم بالتكبير وانطلقوا نحو الأسوار، وخاف البيزنطيون خوفا عظيما، وكان الهجوم النهائي متزامنا بريا وبحريا في وقت واحد حسب خطة دقيقة أعدت بإحكام، وكان الهجوم موزعا على كثير من المناطق بقيادة السلطان محمد الفاتح نفسه، كان القتال يجري على قدم وساق في المنطقة البحرية مما شتت قوات المدافعين وأشغلهم في أكثر من جبهة في وقت واحد، وكان المسلمون في حماسة شديدة وحريصين على إنجاح الهجوم.

          2. مرحلة دخول  القسطنطينية:

تمكنت الجيوش العثمانية من دخول المدينة من مناطق مختلفة بعد قتال عنيف شتت القوات البيزنطية التي فرت بعد انتهاء قيادتهم، وكان الفاتح رحمه الله مع جنده في تلك اللحظات يشاركهم فرحة النصر، ولذة الفوز بالغلبة على الأعداء من فوق صهوة جواده وكان قواده يهنئونه وهو يقول :(الحمد لله ليرحم الله الشهداء ويمنح المجاهدين الشرف والمجد ولشعبي الفخر والشكر. لم يأت ظهيرة ذلك اليوم الثلاثاء 20 جمادي الأولى 857هـ، إلا والسلطان الفاتح في وسط المدينة يحف به جنده وقواده وهم يرددون: ما شاء الله، فالتفت إليهم وقال: لقد أصبحتم فاتحي القسطنطينية الذين أخبر عنهم رسول الله، وهنأهم بالنصر ونهاهم عن القتل، وأمرهم بالرفق بالناس والإحسان إليهم، ثم ترجل عن فرسه وسجد لله على الأرض شكراً وحمداً وتواضعاً لله تعالى.


يمكنكم الاطلاع على أول معركة في التاريخ عبر الرابط التالي:

You might also like