مذهب الحنفية

تعريف بالمذهب الحنفي

  • يعتبر مذهب الحنفية أول وأقدم المذاهب الفقهية ظهورا، وأكثرها انتشارا وقبولا بين الناس، ويمثل مذهب أهل الرأي.
  • تكمن أهمية المذهب في أنه نتاج شورى وأقوال الإمام وتلامذته وأصحابه، وأنه أول من رتب المسائل الفقهية في الأبواب، ولم يسبقه أحد في تدوين الفقه.

نشأة المذهب الحنفي

نشأ مذهب الحنفية في بداية القرن الثاني الهجري مع جلوس أبو حنيفة على كرسي التدريس والفتوى خلفا لشيخه حماد، ثم أخذ المذهب بالانتشار من خلال تدوين أصحاب أبي حنيفة أقواله.

الأدوار التي مر بها المذهب الحنفي

يمكن بيان المراحل والأدوار التي مر بها المذهب بثلاثة وهي:

  • مرحلة التأسيس والنشأة: تبدأ بتصدر الإمام إبي حنيفة للدرس والفتوى وتنتهي بوفاة الحسن بن زياد أحد أهم تلامذة الإمام، حيث وضعت الأصول والقواعد، وكل ذلك كان بتوجيه وحضور الإمام.
  • مرحلة التوسع والانتشار: وتبدأ من وفاة الحسن بن زياد 204 ه، وتستمر حتى وفاة النسفي صاحب متن “كنز الدقائق” سنة 710، حيث بذلت جهود علماء المذهب في تحرير مسائله وتحديد مصطلحاته وبيان أصول التخريج والترجيح، ونشطت فيها حركة التأليف والتدوين متناولة النوازل والمسائل المستجدة، وكتبت المتون والمختصرات.
  • مرحلة الاستقرار: وتبدأ من عام 710 إلى يومنا هذا، وتميزت بالجمود والاعتماد على ما صنفه السابقون، والاكتفاء بالشروح والاجتهاد ضمن المذهب، مع ظهور محققين ومرجحين من علماء المذهب المتأخرين كالكمال بن الهمام.

قد يهمك: أبو بكر الصديق

الأدوار التي مر بها المذهب الحنفي

أعلام المذهب الحنفي

كان لتلامذة الإمام دور كبير في حفظ المذهب ونشره، ومن أبرز هؤلاء:

  • أبو يوسف يعقوب ابن إبراهيم بن حبيب بن سعد (113-182)، يقول أبو يوسف: ” صحبت أبا حنيفة سبع عشرة سنة لا أفارقه في فطر، ولا أضحي إلا من مرض “، صنف الكثير من الكتب في فقه مذهب الحنفية
  • محمد بن الحسن الشيباني (132- 189)، كتبه هي العماد للكتب المدونة في فقه المذاهب.
  • زفر بن الهذيل (110-158)،
  • الحسن بن زياد اللؤلؤي: (توفي 204)

المذهب الحنفي والشورى الجماعية

  • كان لأبي حنيفة منهجه في الوصول للحكم في مسألة فقهية، إذ جعل الأمر شورى بينه وبين أصحابه وتلامذته، فكان يلقي عليهم المسألة ويسمع ما عندهم، ويقول ما عنده ويناظرهم زمنا فيها، حتى يستقر على أحد الأقوال فيها، فيأمر أبا يوسف ليثبتها في الأصول، وهكذا حتى أثبت الأصول كلها، وهذه الطريقة أولى وأصوب، وإلى الحق أقرب، والقلوب إليه أسكن وبه أطيب، دون استبداد وتفرد بالرأي.
  • وقال أسد بن الفرات أيضًا بهذا السند: قال لي أسد بن عمرو: ” كانوا يختلفون عند أبي حنيفة في جواب المسألة فيأتي هذا بجواب، وهذا بجواب، ثم يرفعونها إليه، ويسألونه عنها، فيأتي الجواب من كثب – أي من قرب – وكانوا يقيمون في المسألة ثلاثة أيام ثم يكتبونها في الديوان”.

أصول المذهب الحنفي

  • لم يضع أبو حنيفة تفاصيل منهجه في بناء مذهب الحنفية أو الأصول والقواعد التفصيلية التي بنى اجتهاداته عليها، لكن بين خطوطا عامة لذلك، وقد نص الإمام أبو حنيفة على أصوله التي بنى عليه مذهبه، فروى الخطب في تاريخه عنه: ” آخذ بكتاب الله، فإن لم أجد فبسنة رسول الله – صلى الله عليه وسلم -، فإن لم أجد في كتاب اللَّه ولا سنة رسول اللَّه – صلى الله عليه وسلم -، أخذت بقول الصحابة، آخذُ بقول من شئتُ منهم، وأدع من شئت منهم، ولا أخرج من قولهم إلى قول غيرهم، فأما إذا انتهى الأمر إلى إبراهيم، والشعبي، وابن سيرين، والحسن، وعطاء، وسعيد بن المسيب وعدد رجالا، فقوم اجتهدوا، فأجتهد كما اجتهدوا “.
  • جعل الأحناف أصول الاستنباط عند الإمام ما يلي:

القرآن الكريم

  • وهو أصل جميع المصادر والأصول، والحنفية يفرقون بين أمر ثابت بالقرآن إذا كانت الدلالة قطعية، وأمر ثابت بالسنة الظنية، والثابت بالقرآن من الأوامر فرض، والثابت بالسنة الظنية من الأوامر واجب، وكذلك المنهي عنه في القرآن حرام، إذا لم يكن ثمة ظن في الدلالة، والثابت بالسنة الظنية مكروه كراهة تحريمية مهما تكن الدلالة، وذلك لتأخر رتبة السنة الظنية عن القرآن الكريم من حيث الثبوت من جهة، والاستدلال بها على الأحكام من جهة أخرى.

السنة

فقهاء الرأي وعلى رأسهم أبو حنيفة يرون أن السنة مبينة للكتاب إن احتاج إلى بيان، وإن كانت الحاجة إلى بيان في نظرهم أقل من الحاجة في نظر فقهاء الأثر.

  • يأخذ ما صح عن النبي صلى الله عليه وسلم من الأحاديث، ويقدم المتأخر من الصحيح المتواتر، ويقدم القياس الذي هو الأصل العام الذي ثبتت قطعيته، وكان تطبيقه على الفرع قطعياً، يقدمه على حديث الأحاد. مع أن الأصل عنده هو تقديم خبر الأحاد على القياس.
  • لا يعني هذا مخالفة الإمام للسنة، كما اتهمه بها منتقصوه، وهو بريء من ذلك – وقد كان يقول: ” ما جاء عن رسول اللَّه – صلى الله عليه وسلم – فعلى الرأس والعين بأبي وأمي، وليس لنا مخالفته، وما جاء عن الصحابة تخيرنا، وما جاء عن غيرهم فهم رجال ونحن رجال “.

قد يهمك: عمر بن الخطاب

السنة

الإجماع

 إن لم يجد في المسألة نصا ووجد إجماعا.

القياس

إن لم يجد نص من قرأن أو سنة أو إجماع يجتهد، والقياس عندهم مؤخر عن النص، وقد توهم مخالفوه أنه يقدمه على النص، وقد قال – رحمه الله -: “كذب واللَّه وافترى علينا من يقول إننا نقدم القياس على النص، وهل يحتاج بعد النص إلى القياس “.

الاستحسان

  •  هو أن يعدل المجتهد عن أن يحكم في المسألة بمثل ما حكم به في نظائرها لوجه أقوى يقتضي العدول عن الأول.
  • ويأتي الاستحسان عند الحنفية بعد القياس، والاستحسان ليس عن هوى وإنما بدليل.

العرف

 يرى الحنفية في مذهب الحنفـية أنه حيث لا نص، فإن الثابت بالعرف ثابت بدليل شرعي، وأن الثابت بالعرف كالثابت بالنص، فحيث لم يجد في الفرع نص، ولم يمض له قياس ولا استحسان نظر إلى ما عليه تعامل الناس، ولهذا نجد مسائل كثيرة خالف فيها المتأخرون أبا حنيفة وأصحابه، لأن العرف تقاضاهم هذه المخالفة في الفرع..

قد يهمك: قصة معاوية مع علي بن أبي طالب

العرف

أبو حنيفة وخبر الآحاد

هل يأخذ أبو حنيفة بخبر الآحاد؟

  • يتبين من فروع الفقه المروية عن أبي حنيفة وأصوله أنه كان يأخذ بأحاديث الآحاد، ويتخذ منها سندا لأقيسته وأصولها.
  • كان أبو حنيفة وأصحابه يشترطون في الراوي العدالة والضبط كما يشترطه بقية العلماء، ولكن الحنفية شددوا في تفسير معنى الضبط نظرا لكثرة الكذب على النبي صلى الله عليه وسلم في الكوفة، كما يقدمون رواية الفقيه على غير الفقيه عند التعارض.
  • وقد اختلف العلماء في حقيقة موقف أبي حنيفة إذا تعارض خبر الآحاد مع القياس، أيرد خبر الآحاد لمخالفته القياس، وتعتبر هذه المخالفة علة في الحديث، أم يقبل الحديث، ويهمل القياس؛ لأنه لا قياس مع النص؟.
  • فعامة فقهاء الأثر لا يجعلون للرأي مجالًا عند وجود الحديث، ولو كان آحادًا طالما كان صحيحًا، ولا يشترطون فقه الراوي، ولا موافقة القياس.
  • أما الذين يتبعون مذهب الحنفية فيرون أنه لا يرد خبر الراوي غير الفقيه المخالف للقياس جملة، بل يجتهد المجتهد، فإن وجد له وجهًا من التخريج، بحيث لا ينسد فيه باب الرأي مطلقا قبل، بأن كان يخالف قياسا، ولكنه يوافق من بعض الوجوه قياسا آخر، فلا يترك ذلك الخبر، بل يعمل به.
  • ولهذا نرى فروعًا كثيرة عن أبي حنيفة أخذ فيها بالحديث وترك القياس، وفروعًا أخرى أخذ فيها بالقياس وخالف خبرًا روى فيها رأى مخالفته للقواعد العامة.
  • وعلى هذا فأبو حنيفة يقبل أخبار الآحاد مالم يعارض خبر الآحاد أصلًا عاما من أصول الشرع ثبتت قطعيته

كتب المذهب الحنفي

دون في مذهـب الحنفية المتون والشروح والفتاوى وغيرها الكثير، ويمكن تقسيم كتب المذهب على مراتبها، فنقول:

المرتبة الأولى من كتب الحنفية:

  • كتب مسائل الأصول: ظاهر الرواية، وهي مؤلفات محمد بن الحسن من ” الجامع الصغير والجامع الكبير “، و ” السير الصعير والسير الكبير”، و” الزيادات “، و ” المبسوط “، وهذه المسائل هي التي أسندها محمد عن أبي يوسف عن أبي حنيفة، أو أسندها عن أبي حنيفة فقط رحمهم اللَّه تعالى.
  • كتاب ” الكافي ” للحاكم الشهيد المروزي هو جمع كلام محمد في كتبه الستة، التي هي كتب ظاهر الرواية، وهو كتاب معتمَد في نقل المذهب، شرحه السرخسي بكتابه “مبسوط السرخسي”.

المرتبة الثانية من كتب المذهب الحنفي:

  • كتب مسائل النوادر، وهي غير كتب ظاهر الرواية، تصانيف لمحمد بن الحسن رواها عنه الآحاد من أصحابه، مثل:”الرقيات” رواها في الرقة، و”الكيسانيات” رواها عنه شعيب بن سليمان الكيساني، و” الجرجانيات “: رواها عنه علي بن صالح الجرجاني من أصحابه.
  • كتاب ” المنتقى ” للحاكم الشهيد مجموع كتب محمد في غير رواية الأصول
  • o     ” الأمالي والجوامع ” لأبي يوسف، وكتاب ” المجرد ” للحسن بن زياد.
  • الروايات المتفرقة كنوادر محمد بن سماعة، ونوادر إبراهيم بن رستم المروزي، ونوادر هشام بن عبيد اللَّه الرازي، وغيرهم.

الكتب المعتمدة في المذهب الحنفي

الكتب في المذهب منها ما هو غير معتمدة، لأنها تجمع الأقوال الضعيفة والمسائل الشاذة، وإن كان مؤلفها من كبار الفقهاء، أو لعدم الاطلاع على حال مؤلفيها. وأهم الكتب المعتمدة في مذهب الحنفية:

  • كتب ظاهر الرواية لمحمد بن الحسن الشيباني، وهي الأصل في المذهب، وجمعت بمتاب ” الكافي” للحاكم الشهيد
  • المبسوط، للسرخسي، وهو شرح لكتاب الكافي.
  • o      المتون حول كتب ظاهر الرواية وشروحها مثل: (مختصر القدوري، بداية المجتهد للمرغيناني، العناية شرح الهداية للبابرتي، كنز الدقائق للنسفي، وشرحه تبيين الحقائق للزيلعي، النقاية مختصر الوقاية لصدر الشريعة، ملتقى الأبحر لإبراهيم الحلبي)
  • رد المحتار على الدر المختار، المعروف بحاشية ابن عابدين، لابن عابدين الدمشقي. شرح فيه الدر المختار للحصكفي.
  • عمدة الرعاية في حل شرح الوقاية، للكنوي الهندي.
  • كتب الفتاوى: مثل الفتاوى (البزازية، والخانية، والهندية،..).

هل المذهب الحنفي صحيح

نعم مذهب الحنفية صحيح لأنه أحد مناهج الفقه الذي مضى على اثره بعض العلماء وقد اجتهد به فقيه كان ذو مكانه مرموقة بين أقرانه من الفقهاء ونتج عن ذلك تحديد جملة من ضمن الأحكام داخل قسم علم الفروع.

وغيره من مذاهب فقه المنهجي في الإسلام وهذه المذاهب تم ترتيبها في أربعة مذاهب فقهية تتمثل في: مذهب الحنفية ومذهب الشافعية ومذهب المالكية ومذهب الحنابلة.

وهذه المذاهب تم وضعها من قبل أئمة الفقهاء البارزين في العالم الإسلامي الذين قد اشتهروا بأحكامهم التي تم إصدارها بعد تفكير  وتعمق في العلم وفتاويهم المعلن عنها سواء في الماضي أوالحاضر.

ويمكن القول أن أفضل المذاهب مقارنة بالمذهب الشافعي هو مذهب الحنفية لأنه يتصف باتساعه وقدم العصر الذي تم تأسيسه به.

مميزات المذهب الحنفي

 ونقدم لكم أهم مزايا المذهب الحنيفي الذي ساعد على استمرار المذهب إلى الوقت الراهن, وهي تتمثل في الآتي:

  • لمذهب الحنفية أساس وقاعدة فقهية عظيمة تتميز بالمؤلفات والقوانين الموضوعه فيه وكذلك أصول الحنيفة التي تميزها عن غيرها من المذاهب والفقهاء وأفكارهم المختلفة, وتتطور جذور هذا المذهب لتنتمي إلى الفقيه الذي بادر في تأسيس المذهب.
  • الذين وضعوا أسس وقواعد الحنيفية هم علماء مشهورين تلقوا علمهم على أيدي كبار العلماء البارزين في الماضي, وصاروا على نهجهم وحصلوا على كل ما يجعلهم نسخة طبق الأصل منهم من أصول الدين والفقه الإسلامي المأخوذ من الإرث النبوي.
  • تميزه بنظام الاستقلالية فهو ينفرد بمنهج معين داخل أصول وقواعد الفقه الإسلامي.
  • اقتباسه من منهج الفقه الافتراضي إذ يتم وضع عدد من الأحكام على أي أمر من المتوقع أن يقوم به المسلم أو ذنب قبل أن يهم بارتكابه, حتى يلتزم بقواعد هذا الحكم إذا وجب الأمر.

المذهب الحنفي الزواج

وقيل أن مذهب أبي حنيفة النعمان هو المنهج الملتزم به في كافة زواج الشباب المصريين رغم كونهم ينتمون في الأساس إلى الشافعية، فهو موثوق به ويدخل في المادة القانونية المصرية الخاصة بمراسم الزواج طبقًا لمذهب الحنيفة.

مذهب الحنفية يعد المذهب الوحيد الذي يتم على أساسه الزواج في مصر  والسبب هو التصديق عليه من قبل هيئة القضاء المصري من ما يزيد عن 100 عام وخلال سنة 1930 تم استحداث نمط التوثيق بواسطة عقود الزواج التابعة لمذهب الحنيفه.

وعلى الجانب المقابل تمت الموافقة بالإجماع على المذهب الحنيفي لأنه دعم المرأة ومنحها الحقوق الأهلية بشكل كامل ليكون من حقها عمل عقد زواج وغيرها من العقود الرسمية الأخرى، إما بالتصرف بشكل خاص في الأموال أو أي عقد آخر.

وكان الرأي المتفق والمجمع عليه أن مذهب أبو حنيفه يتميز بكونه على درجة عالية من الاتساق والتوافق مع شخصيات المصريين والغرض منه رفع مكانة المرأة التي بزغت شمسها بداية من العصور التاريخية القديمة.

وحسب ما جاء في مستندات الخبير القانوني أن الصيغة الرسمية التي يتم النكاح من خلالها في البيوت المصرية هي تلك التي يرددها المأذون على لسانه ويطلب من والد العروس النطق بها هو والعريس.

 فأولًا يجب أن يقول والد البنت المقبلة على الزواج زوجتك موكلتي وهي جملة غاية في الدقة, لانه لا يمكن أن تتم الوكالة بغير حق يتم ثبوته وإقرانه بالأصيل والمعنى انه كفل المرأة ووهبها حقوقها في الحصول على الوكالة والسلطة.

ليكون بإمكانها التصرف في شأن منح ما لديها لغيرها وهي طريقة تحترم شخصيتها وتمنحها درجة مرموقة من الرفعة والتقدير.

 كما أنه لا يتم أبدًا النكران بحقها التام الذي لا يقل منه شيئًا في تحقيق أهدافها وطموحها من الزواج ولا يتم الزواج ويكون ناجحًا إلا بعد أن تكون مقتنعة به وموافقة به بإرادتها وليس بإرادة أهلها فقط.

قد يهمك: علي بن أبي طالب

You might also like