حكم الهجرة

مقدمة حول حكم الهجرة

نبحث في مقالنا هذا حول حكم الهجرة في الاسلام ، منذ أن وجد الإنسان كانت الهجرة مرتبطة به، فكان الانتقال من مكان إلى آخر طلبا للأمن أو المعاش أو الكلأ للمواشي والبحث عن المكان المناسب للعيش، وماتزال الهجرة ملازمة للإنسان وإن اختلفت الأسباب، وفي هذا المقال نتحدث عن حكم الهجرة ومفهومها وأسبابها وأنواعها.

تعريف الهجرة لغة واصطلاحا

تعريف الهجرة في اللغة: تأتي على معان: هاجر وهي الخروج من أرض إلى أخرى، والرحيل

والهجرة في الاصطلاح: يختلف مفهوم الهجرة الشرعي عن المفهوم الاجتماعي، ففي الشرع يقصد بها الهجرة هي هجرة المعاصي لحديث النبي صلى الله عليه وسلم (والمهاجر من هجر ما نهى الله عنه) ويتبع هذا المعنى الهجرة من دار الحرب إلى دار الإسلام، بمعنى الانتقال من مكان لا يمكن للإنسان أن يقيم حدود الله فيه إلى بلد يمكنه فيه إقامة شعائر دينه والابتعاد عن معصيته الله وهذا متعلق بحكم الهجرة.

مفهوم الهجرة في علم الاجتماع: يقصد بها الحركة السكانية من خلال التنقل بشكل أفراد أو جماعات من موطنهم الأصلي الذي يعيشون فيه إلى مكان أو موطن جديد يستقرون فيه بشكل دائم أو مؤقت، والقصد فيه طلب الرزق أو الأمن.

أسباب الهجرة في الإسلام

تتعدد أسباب الهجرة التي تدفع الناس أفرادا او جماعات لترك بلادهم ومن أهم هذه الأسباب، وبحسب السبب يكون حكم الهجرة:

أسباب اقتصادية: تدفع الناس للبحث عن أسباب الرزق أو التوسع فيها، وأحيانا يكون الجفاف في بلد معين أو الكوارث سببا هاما لذلك.

أسباب طبيعية: ما يحدث من سيول أو زلازل أو براكين أو جفاف يجبر الناس على ترك هذه المنطقة الخطرة بحثا عن الأمان والرزق.

أسباب سياسية: غالبا سببها الحروب والنزاعات المسلحة فيبحث الناس في ظلها عن الأمن والحفاظ على أعراضهم وأموالهم وأنفسهم، فيضطرون لترك البلاد إلى بلد آخر أكثر أمنا.

أسباب اجتماعية: تكون ناتجة عن خلافات عائلية أو عشائرية أو طائفية أو عرقية فتؤدي لنزاعات تضطر معها جماعة للهجرة وترك المنطقة إلى منطقة أخرى.

أنواع الهجرة في الإسلام

الهجرة في الإسلام أنواع، يمكن اختصارها في هجرة لله والرسول وهي أفضل أنواع الهجرة يراد منها إقامة الدين والدعوة إليه ونشره بين الناس إرضاء لله تعالى. والنوع الثاني: هجرة إلى الدنيا يكون الدافع فيها هو طلب الدنيا للحصول على المال أو السلطة او المنافع الدنيوية ومتاعها، ولو سألنا ماذا قال رسول الله عن الهجرة لظهر في قوله هذه الأنواع، يقول عليه الصلاة والسلام مبينا حكم الهجرة وأنواعها: (إنما الأعمال بالنيات وإنما لكل امرئ ما نوى، فمن كانت هجرته إلى الله ورسوله فهجرته إلى الله ورسول، ومن كانت هجرته لدنيا يصيبها أمو امرأة ينكحها فهجرته إلى ما هاجر إليه).

وفي علم الاجتماع: تقسم الهجرة إلى هجرة داخلية ويقصد بها الانتقال من منطقة إلى منطقة أخرى لكن ضمن حدود الدولة أو البلد الواحد، والهجرة الخارجية ويقصد بها الانتقال من بلد إلى آخر.

وهناك الهجرة الفردية يقوم بها أفراد ينتقلون من مكان لآخر أو من بلد لآخر، وهجرة جماعية الانتقال يكون فيها بشكل مجموعات وغالبا ما يكون السبب فيها الحروب أو النزاعات أو الكوارث الطبيعية والجفاف وغيرها من الأسباب.

وهناك الهجرة الطوعية التي تكون نتيجة لرغبة المهاجر، والهجرة القسرية والتي يضطر الإنسان فيها لترك بلده إلى بلد آخر.

فوائد الهجرة في الإسلام

كما أن هناك سلبيات الهجرة، يوجد فوائد للهجرة يمكن أن نجملها فيما يلي:

  • الاستفادة المتبادلة بين المجتمع المضيف والمهاجرين، فالمهاجرون يملك العديد منهم الطاقات والمواهب الإبداعية والقدرات الي يمكن أن يسخروها في خدمة المجتمع المضيف، ويستفيدون من الإمكانيات والموارد الموجودة في البلد المضيف.
  • تبادل الثقافات والعادات والتعارف بين الشعوب، فكل من المجتمعات عاداته وتقاليده وأعرافه، فتزول العزلة التي تتميز بها بعض المجتمعات.
  • الأمن والاستقرار النفسي والمادي الذي يتحقق للمهاجرين الفارين من الحروب والكوارث.
  • زيادة الحركة الاقتصادية في البلد المستضيف وزيادة حركة السوق والأموال والعمران، وفتح أسواق جديدة.
  • التعريف بالثقافة أو المعتقد والدين الذي يؤمن به المهاجر أو المستضيف، وبالتالي يحدث لقاء الحضارات وحوار الأديان.

ما الحكمة من الهجرة

مقاصد الهجرة في الإسلام كثيرة، منه أهمها: تكثير سواد المسلمين وزيادة قوتهم حين يجتمعون في بلد واحد، حيث يستفاد من طاقاتهم وقدراتهم الضائعة في بلاد غير المسلمين، وكذلك البعد عن المعصية وبيئتها فالمكث في بلاد الكفر والمعصية فيألف مع الوقت كفرهم ومعاصيهم وربما يوافقهم عليها.

حكم الهجرة في الإسلام

ا شك أن حكم الهجرة في الإسلام يختلف باختلاف سببها والغاية منها، فالهجرة قد تكون واجبة على المسلم إذا خشي الإنسان على دينه وحياته او عرضه، وقد ذكر الله الهجرة في القرآن  في مواضع كثيرة يثني على المهاجرين فيها منها {الَّذِينَ آمَنُوا وَهَاجَرُوا وَجَاهَدُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنْفُسِهِمْ أَعْظَمُ دَرَجَةً عِنْدَ اللَّهِ وَأُولَئِكَ هُمُ الْفَائِزُونَ}، وقوله تعالى: { وَمَنْ يُهَاجِرْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ يَجِدْ فِي الْأَرْضِ مُرَاغَمًا كَثِيرًا وَسَعَةً وَمَنْ يَخْرُجْ مِنْ بَيْتِهِ مُهَاجِرًا إِلَى اللَّهِ وَرَسُولِهِ ثُمَّ يُدْرِكْهُ الْمَوْتُ فَقَدْ وَقَعَ أَجْرُهُ عَلَى اللَّهِ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَحِيمًا }، يجب على كلّ من كان بِبَلد يُعمل فيها بالمعاصي، ولا يمكنُه تغييرُها: الهجرةُ إلى حيث تتهيّأ له العبادة؛ لقوله تعالى:﴿فَلا تَقْعُدْ بَعْدَ الذِّكْرَى مَعَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ﴾، ونقل عن العلماء كما ذكر ابن حجر العسقلاني نهى الله تعالى عن الإقامة في بلد او الهجرة إلى بلد يخشى الإنسان فيه على دينه ودين أهله، إلا إذا كانت الضرورة ملجئة كالخشية على النفس أو العرض، فيضطر الإنسان وقتها إلى الهجرة مع نية المحافظة على الدين له ولأسرته، وبهذا يتبين لنا حكم الهجرة إلى أوربا أو حكم الهجرة إلى بلد غير إسلامي.

ولعل هجرة الصحابة من مكة إلى الحبشة أولا، ثم هجرة الرسول صلى الله عليه وسلم من مكة إلى المدينة مع الصحابة كان الغاية فيها والدافع هو الحفاظ على الدين وإقامته والحفاظ على الأنفس.

متى نسخ حكم الهجرة؟ وبعد فتح مكة وانتشار الأمن في الجزيرة العربية والتمكين للدين فيها نسخت الهجرة التي كانت واجبا على المسلمين، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم (لا هجرة بعد الفتح، لكن جهاد ونية).

قد يهمك الاطلاع على مقال: الهجرة النبوية إلى المدينة

You might also like