علم الجرح والتعديل

نبذة عن علم الجرح والتعديل

من العلوم  التي ساهمت في حفظ الحديث النبوي، واهتمت بمعرفة حال الرواة  علم الجرح والتعديل، وفي هذا المقال سنتحدث عن تعريفه وأهميته وشروطه وفوائده.

تعريف علم الجرح والتعديل لغة واصطلاحا

تعريف الجرح عند المحدثين: هو الطعن في راوي الحديث بما يسلب أو يخل بعدالته أو ضبطه.

تعريف التعديل: هو تزكية الراوي والحكم عليه بأنه عدل أو ضابط.

ويعتبر هذا العلم ميزان رجال الرواية، يثقل بكفته الراوي فيقبل، أو تخف موازينه فيرفض، وبه نعرف الراوي الذي يقبل حديثه ونميزه عمن لا يقبل حديثه.

ومن هنا اعتنى به علماء الحديث كل العناية، وبذلوا فيه أقصى جهد، وانعقد إجماع العلماء على مشروعيته، بل على وجوبه للحاجة الملجئة إليه.

الفرق بين الجرح والتعديل يكمن في أن الجرح ثمرته رد رواية الراوي المجروح، والتعديل ثمرته قبول الرواية منه والحكم بثقته، ثم أن الجرح يحتاج لدليل

نشأة علم الجرح والتعديل

يتساءل الناس متى ظهر علم الجرح والتعديل؟

كانت نشأته مع ظهور الرواية في العصر الأول من الإسلام، وظهر بشكل جلي في عصر التابعين حيث أن الصحابة كلهم عدول ثقات في الرواية، وظهر الكذب في الرواية وكثرت الروايات الضعيفة فظهر العلماء الذين يميزون الرواة ويبينون حالهممن حيث قبول الرواية أو ردها،

ومن أسباب ظهور الجرح والتعديل: ظهور البدعة من الرجل أو الفسق، أو الكذب على رسول الله صلى الله عليه وسلم، أو عم قدرته على الحفظ، أو مخالفته للثقات ، أو اشتهاره بالكذب أو الغفلة.

وأول تصنيف  في هذا العلم كان لسيد النقاد، الإمام ابن الإمام عبد الرحمن بن أبي حاتم الرازي في كتابه العظيم “الجرح والتعديل”، فقد صنف مراتب التعديل أربع مراتب، ومراتب التجريح أربعا.

الفرق بين علم الرجال وعلم الجرح والتعديل

لا فرق بين العلمين فعلم الرجال هو ذاته  العلم الذي بحث في أحوال وصفات رواة الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم فيتبين من خلال هذا العلم قبول روايتهم للحديث والثقة بها، أو تضعيفها وردها لضعف الثقة برواية صاحبها.

فوائد علم الجرح والتعديل

من أهم فوائد هذا العلم الذي تدل على أهميته:

أنه يحفظ به حديث النبي صلى الله عليه وسلم، فلا تطاله يد الدس والخطأ والتحريف.

الثقة بالأحاديث التي رويت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم والتأكيد على صحتها  بصدق رواتها الثقات.

اتباع منهج علمي للمسلمين عموما ولطلبة العلم والباحثين خصوصا في الوصول للمعلومة الصحيحة بتتبع رواتها وبيان مصدرها الصحيح.

منع الأعداء من الطعن بالإسلام ومصادر تشريعه ومنها السنة من خلال هذا العلم.

ولذا كان حكم علم الجرح والتعديل واجباً على الأمة التي أمرت أن تحفظ الدين وتذود عن سنة النبي صلى الله عليه وسلم.

شروط الجرح والتعديل

حتى يقبل التعديل والجرح حول راو لا بد من توفر الشروط التالية:

أن يصدر الجرح والتعديل ممن استوفى شروط الجارح والمعدل.

لا يقبل الجرح إلا مفسرا أي مبين السبب، أما التعديل فلا يشترط تفسيره هذا الذي عليه جمهور العلماء، واقتصر على إيراده ابن الصلاح دون الأقوال الأخرى.

يقبل الجرح المجمل غير المفسر في حق من خلا من التعديل على ما اختاره الحافظ ابن حجر.

أن يسلم الجرح من الموانع التي تمنع قبوله، فإذا وجد مانع من قبول الجرح أو التعديل لم يقبل.

من يتكلم في الجرح والتعديل؟

يجب أن تتوفر في الجارح والمعدل الخصال التي تجعل حكمه منصفا كاشفا عن حال الراوي، وهي:

العلم والتقوى، والورع والصدق، لأنه إن لم يكن بهذه المثابة فكيف يصير حاكمًا على غيره بالجرح والتعديل، وهو ما زال مفتقرا لإثبات عدالته.

قال الحافظ: “وينبغي ألا يقبل الجرح والتعديل إلا من عدل متيقظ أي مستحضر ذي يقظة تحمله على التحري والضبط فيما يصدر عنه”.

أن يكون عالما بأسباب الجرح والتعديل. قال الحافظ ابن حجر في شرح النخبة “وتقبل التزكية من عارف بأسبابها لا من غير عارف لئلا يزكي بمجرد ما يظهر له ابتداء من غير ممارسة واختبار”.

 أن يكون عالما بتصاريف كلام العرب، لا يضع اللفظ لغير معناه، ولا يجرح بنقله لفظا هو غير جارح.

أدلة الجرح والتعديل من الكتاب والسنة

وردت آيات وأحاديث تطلب من المسلمين التثبت والحذر في الرواية ومن ذلك:

قول الله تعالى: {يا أيها الذين آمنوا إن جاءكم فاسق بنبأ فتبينوا أن تصيبوا قوماً بجهالة فتصبحوا على ما فعلتم نادمين}

وفي السنة جاء عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وَسلم أنه قال: (سيكون في آخر الزمان ناس من أمتي يحدثونكم بما لم تسمعوا به أنتم ولا آباؤكم فإياكم وإياهم)، وجاء عن محمد بن سيرين قال: “إن هذا الحديث دين فانظروا عمن تأخذونه”

كتب علم الجرح والتعديل

صنف الكثير من الكتب النافعة في علم الجرح والتعديل، نذكر منها:

  •  مقدمة كتاب الجرح والتعديل، لابن أبي حاتم الرازي.
  • الرفع والتكميل في الجرح والتعديل، للإمام أبي الحسنات محمد عبد الحي اللكنوي الهندي
  • “الجرح والتعديل”، للإمام سيد النقاد عبد الرحمن بن الإمام أبي حاتم الرازي
  • “تهذيب الكمال في أسماء الرجال”، للإمام الحافظ الحجة أبي الحجاج جمال الدين يوسف بن عبد الرحمن المزي.
  • “تهذيب التهذيب” للحافظ ابن حجر، لخص فيه تهذيب الكمال.
  • “تقريب التهذيب” للحافظ ابن حجر أيضا، لخص فيه تهذيب التهذيب

علم الجرح والتعديل عند الشيعة

علم الرجال عند الشيعة يحمل نفس المعنى الموجود عند أهل السنة،وهو معرفة حال الرواة للحديث من حيث الثقة بهم أو عدم الثقة بهم.

ويعرف هذا العلم عندهم من طريقين:

الأول: التوثيق لشخص بعينه وهذا يسمى التوثيق الخاص، وهذا يكون إما بنص من أحد المعصومين على ثقة هذا الشخص، أو نص أحد أعلام العلم المتقدمين أو المتأخرين.

 والثاني: التوثيق الذي يكون لجماعة من الناس، وهذا ما يكون من رواية جماعة ثقاة عن شخص فهذا يعني أنه ثقة، أو أنه من الرواة الثقاة المعتمدين في روايات أسانيد القمي،  أو أسانيد كامل الزيادات لابن قولوية، أو من مشايخ صاحب الفهرست المسمى النجاشي، وغير ذلك.

قد يهمك الاطلاع على مقال: الوضع في الحديث النبوي

You might also like