ليلة القدر

ليلة القـدر من الأزمنة التي خصها الله بخصائص وفضائل وحث عباده على اغتنامها، كما خص أزمنة أخرى من أهمها شهر رمضان والعشر الأول من ذي الحجة وغيرها.

معنى ليلة القدر

ليلة القـدر هي الليلة المباركة من شهر رمضان التي ابتدأ نزول القرآن فيها، أو الليلة التي أنزل فيها القرآن الكريم جملة واحدة من اللوح المحفوظ في السماء الدنيا إلى السماء الدنيا، ثم ينزل بعد ذلك مفرقا عن طريق جبريل من السماء الدنيا على قلب النبي محمد صلى الله عليه وسلم.

وسبب تسميتها بليلة القدر لشرف الليلة ولأن الأمور تقدر فيها لقوله تعالى: {فيها يفرق كل أمر حكيم}.

فضل ليلة القـدر

بين الله تعالى فضل ليلة القدر وخصائص ليلة القدر في سورة القدر، بقوله تعالى: {ليلة القـدر خير من ألف شهر، تنزل الملائكة والروح فيها من كل أمر سلام هي حتى مطلع الفجر}، وقد تضمنت هذه السورة عدة فضائل اختصت بها/ فم بين أهم خصائصها:

• العمل الصالح في ليلة القـدر خير منه في ألف شهر ليست فيها ليلة القدر.
• تتنزل الملائكة بالرحمة ومن بينهم جبريل في ليلة القدر إلى الأرض وإلى السماء الدنيا، وتقترب من المؤمنين بأمر ربهم.
• نزول الملائكة بأمر الله تعالى يكون من أجل كل أمر قضاه الله وقدره في تلك السنة من أمر الأجل والموت والرزق وغيره.
• لا يقدر الله في ليلة القدر إلا السلامة والسعادة والنعم، بينما يقدر في غيرها إلا النعم والنقم والبلايا، وقيل المعنى كثرة سلام الملائكة على المؤمنين.
• يقول سعيد بن المسيب: من شهد العشاء من ليلة القدر فقد أخذ بحظه منها.

وجاء في السنة بيان فضل ليلة القـدر بقول النبي صلى الله عليه وسلم فيما أخرجه البخاري ومسلم: (من قام ليلة القدر إيمانا واحتسابا، غفر له ما تقدم من ذنبه).

وقت ليلة القدر

أما عن تعيين ليلة القدر فما عليه أكثر العلماء أنها في العشر الآخر من رمضان في الليالي الوتر منه، لقول

رسول اللَّه صلّى اللَّه عليه وسلّم: (ليلة القـدر في العشر البواقي، من قامهن ابتغاء حسبتهن، فإن اللَّه يغفر له ما تقدم من ذنبه وما تأخر، وهي ليلة وتر: تسع أو سبع أو خامسة أو ثالثة أو آخر ليلة).

أخرجه مسلم والترمذي، وقال: حديث حسن صحيح، قال: قلت لأبيّ بن كعب: إن أخاك عبد اللَّه بن مسعود يقول: من يقم الحول يصب ليلة القـدر، فقال: يغفر اللَّه لأبي عبد الرحمن! لقد علم أنها في العشر الأواخر من رمضان، وأنها ليلة سبع وعشرين ولكنه أراد ألا يتّكل الناس، ثم حلف لا يستثني: أنها ليلة سبع وعشرين. قال: قلت: بأي شيء تقول ذلك يا أبا المنذر؟ قال: بالآية التي أخبرنا بها رسول اللَّه صلّى اللَّه عليه وسلّم، أو بالعلامة: أن الشمس تطلع يومئذ لا شعاع لها.

ويرجح أكثر العلماء على أنها في ليلة سبع وعشرين من رمضان.

هل هي ثابتة أم تتغير؟

جمهور العلماء على أن ليلة القـدر باقية في كل عام، وهي مختصة برمضان، لكن طلب رسول الله صلى الله عليه وسلم تحريها في العشر الآخر منه، في ليلة من ليالي العشر الآخر. والراجح أنها تتنقل بينها وليست ثابتة .

علامات ليلة القدر

ذكر العلماء علامات لليلة القدر تعرف بها، جاءت في أحاديث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، ومن هذه العلامات:

• أن الشمس تطلع في صبيحتها بيضاء كأن فيها قمرا يومئذ لا شعاع لها.
• قال رسول الله صلى الله عليه وسلم في ليلة القدر: (ليلة سمحة طلقة، لا حارّة ولا باردة، وتصبح شمس صبيحتها ضعيفة حمراء).

الحكمة من إخفاء ليلة القدر في أي يوم هي

ليزداد العباد في الاجتهاد في معرفتها ويكثر من الطاعات، ولا يتكاسلون ولا يتكلون فيقتصر جهدهم على قيام ليلة واحدة، فيباهي الله بهم ملائكته ويقول: كنتم تقولون فيهم: أَتَجْعَلُ فِيها مَنْ يُفْسِدُ فِيها، وَيَسْفِكُ الدِّماءَ فهذا جدّهم في الأمر المظنون، فكيف لو جعلتها معلومة لهم؟ فهنالك يظهر سر قوله: إِنِّي أَعْلَمُ ما لا تَعْلَمُونَ.

ثم لو علمت أي ليلة هي ثم أعرض عنها العبد ولم يقمها ويجتهد فيها يخشى أن يعتبر ممن تعمد المعصية بالإعراض فيها عن العمل الصالح.

أهم الأعمال في ليلة القـدر

يجتهد المسلمين كيف يحيي المسلم ليلة القـدر، فيجتهدون في العشر الآخر من رمضان ليصيبوا ليلة القدر وينالوا الأجر العظيم فيها، ومن أهم الأعمال الصالحة التي كان الصحابة يعملونها في العشر الآخر وفي ليلة القدر:

1. إحياء الليل بالعبادة إلى صلاة الفجر، وذلك لحديث النبي صلى الله عليه وسلم في الصحيحين: (كان إذا دخل العشر أحياء الليل وأيقظ أهله وشد مئزر)، وإحياء الليل بقراءة القرآن والصلاة والذكر والدعاء وغيره.
2. أيقاظ الرجل أهله لمشاركتهم في الأجر ونيل أجر القيام ومصادفة ليلة القـدر، فالمؤمن يريد الخير لنفسه ولغيره.
3. الانشغال بالعبادة والطاعة ولعمل على أن ينوع بين الذكر والصلاة والدعاء وقراءة القرآن ومجالس العلم.
4. الدعاء عموما، والدعاء بما جاء عن النبي صلى الله عليه وسلم يوصي عائشة وقد سألته: (يا رسول الله أرأيت إن رأيت ليلة القدر ما أقول فيها؟ قال: قولي: اللهم إنك عفو تحب العفو فاعف عني).

قد يهمك المقال التالي: المذهب الشافعي