نشأة علم المقاصد

ما هو علم المقاصد؟

علم مقاصد الشريعة علم مرتبط في أصله مع علم أصول الفقه، ونشأة علم المقاصد بدأت مع بدء التنزيل، وسنبين في هذا المقال مراحل تطور هذا العلم.

نشأة علم المقاصد كباقي علوم الشريعة الإسلامية نشأته بدأت مع نشأة الأحكام الشرعية نفسها، ولكن مرت نشأة المقاصد الشرعية بمراحل حتى وصلت عصر أصبح للمقاصد علم مستقل وله مؤلفاته وأبحاثه.

تطور علم المقاصد

تاريخ نشأة علم المقاصد مرت بمراحل متعددة:

المرحلة الأولى: متى كانت نشأة علم المقاصد؟ بدأ علم المقاصد مع بداية نزول الوحي الكريم على الرسول صلى الله عليه وسلم، فقد كانت المقاصد مبثوثة ومتضمنة في نصوص الكتاب والسنة بالتصريح بالعلة من وراء الأمر أو النهي أو بالإشارة إليها.

لكن في هذه المرحلة من نشأة علم المقاصد لم يكن هناك إفراد لتلك المقاصد وإظهار لها على مستوى التأليف والتدوين أو جعلها علما مستقلا وإنما كان السلف يستحضرون هذه المقاصد في أذهانهم عند الاجتهاد والنظر في الأحكام.

المرحلة الثانية:

دعا الصحابة والتابعين إلى إعمال القياس وبيان العلل ومراعاة مصالح الناس والأعراف عند الاجتهاد وإصدار الأحكام على مقتضاها، قال الإمام أحمد: “الصحابة كانوا يحتجون في عامة مسائلهم بالنصوص كما هو مشهور عنهم، وكانوا يجتهدون رأيهم ويتكلمون بالرأي ويحتجون بالقياس” ويعتبر الإمام أحمد العمل بالقياس من قبيل العمل بالمقاصد فيقول: “وهما من باب فهم مراد الشارع”.

أمثلة لأحكام صدرت مراعاة لمقاصد الشريعة:

ومن الأحكام التي صدرت عنهم وفيها مراعاة المقاصد: جمع القرآن، والطلاق الثلاث، وتضمين الصناع، والاجتماع لصلاة التراويح، وعدم إقامة حد السرقة عام المجاعة، وقتل الجماعة بالواحد، وتدوين الدواوين، ووضع السجلات، وغير ذلك.

المرحلة الثالثة: من العلماء الذين اهتموا بعلم المقاصد

هذذه المرحلة من نشأة علم المقاصد عرف الأئمة الأربعة بما فيهم أصحاب مدرسة الحديث كالإمام مالك وأحمد يكثرون من التعليل والنظر في المقاصد والاجتهاد المصلحي مع التفات في أخذهم بذلك، يقول النخعي: “إن أحكام الله تعالى لها غايات هي حكم ومصالح راجعة إلينا”.

ومن العلماء من أحدث إضافة نوعية في مجال المقاصد ولكونهم تميزوا بالتدوين في هذا العلم وأن كان بعضهم ذكروا المقاصد في مباحث صغيرة في:  

– إما الحرمين الجويني الذي أكثر من لفظ المقاصد، والغرض، والقصد، والكليات الخمس.

– الغزالي والذي تناول لأول مرة مصطلح الكليات الضرورية وعددها ورتبها وكل من جاء بعده أخذ بقوله، كما ذكر الاستصلاح.

– القرافي الذي أطنب في ذكر القواعد الفقهية، وأنواع التصرفات النبوية، ودلالاتها على الأحكام والمقاصد.

المرحلة الرابعة: بداية التأليف في علم المقاصد:

  • وهذه المرحلة من القرن الثالث إلى القرن السادس الهجري، وتجلت هذه المرحلة من نشأة علم المقاصد مع الإمام الجويني والغزالي وغيرهم من الأصوليين كالرازي والآمدي وابن الحاجب والفقهاء كابن رشد الحفيد، وذلك بذكرهم بعض المباحث والمتعلقات المقاصدية في كتبهم الأصولية والفقهية والتفسيرية وغيرها.

المرحلة الخامسة: إفراد المقاصد بالتأليف:

متى استقل علم المقاصد بذاته؟

مع الإمام الشاطبي بدأت مرحلة إفراد علم مقاصد بالكتابة، حيث ألَّف كتابه الشهير “الموافقات في أصول الشريعة” والذي تناول فيه المقاصد بالتفصيل بأسلوب دقيق متحدثا عن أسرار التشريع الخفية والظاهرة، ومراد الشارع الحكيم ومقصوده، وغير ذلك مما يدل على جدارة الكتاب بالعناية والاهتمام، واستفادة وإفادة.

ثم جاء محمد الطاهر ابن عاشور من خلال كتابه “مقاصد الشريعة”، دعا فيه إلى الاهتمام بالمقاصد وتدوين هذا العلم وجعله علما مستقلا، وهو أول من أدخل علم المقاصد إلى الجامعات للتدريس.

ما الفائدة من علم المقاصد

يذكر العلماء فوائد لعلم مقاصد الشريعة متحديث عن نشأة ، منها ما يخص الفقيه والمفتي والقاضي، ومنها ما يخص المسلم العادي، ومن هذه الفوائد:

  • تعين المقاصد الفقيه على  الاستنباط وتحديد المراد من الحمن من خلال فهم النص والغاية من تشريعه.
  • تبعد عن التعصب المذهبي وتخفف من الاختلافات بين الفقهاء ، وذلك باعتماد علم المقاصد
  • دفع التعارض بين الأقوال، ومراعاة المصلحة عند الأخذ بالنص.
  • تعين  والقاضي والفقيه والحاكم والداعية والمعلم على أداء أعمالهم على وفق مراد الشارع وليس على وفق ظاهر النص فقط.

هل يكفي تعلم الفقه وأصوله دون تعلم علم مقاصد الشريعة؟

اعتبر بعض العلماء أن علم مقاصد الشريعة جزء من علم  أصول الفقه لا ينفصل عنه بحال حيث أن نشأة علم المقاصد بدأت مع أصول الفقه، بينما يراه الكثير من المعاصرين على أنه علم مستقل بذاته وينبغي أن يفصل عن علم أصول الفقه، إلا أن الجميع يتفق على أنه لا يغني تعلم أصول الفقه عن تعلم مقاصد الشريعة.

مقاصد الشريعة عند الشيعة

لم يكن لمقاصد الشريعة في فقه الشيعة مكانة مقبولة، ولم تذكر في كتبهم إلا في أماكن قليلة، لأنهم يعتبرون أن الحكمة والغاية من الأحكام خفية على عقول البشر، لذا لم يتعرضوا لعلل الأحكام  لكون العلة من موضوعات القياس الذي أمر أئمة الشيعة بتجنبه، كا ابتعدوا عن منهج المعتزلة باستنباط العقل للحكم والعلل.

لكن في العصور المتأخرة  من علماء الشيعة من كتب عن المقاصد ووالأسرار ومناطات الأحكام، إلا أنهم لم  يخصوا المقاصد بكتابات موسعة، ولم ويبينوا دورها، متجنبين الوقوع في القياس.

قد يهمكم المقال التالي: علم الجرح والتعديل.

You might also like